متفرقات ملاحم وفتن   H0A

 

 

تسلسل الكتاب تسلسل الكتاب

 1

معجزات الإمام علي في كتاب الجفر

 2

قصة يأجوج ومأجوج ورحلة ذي القرنين إلى الكواكب تفسير جديد

 

 3

كتب اشراط الساعة

 4

هل هي بداية النهاية في نبؤات الاديان

 5

عقيدة المهدي المنتظر لدى العراقيين القدماء

 6

 التيار السلوكيي المهدوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(1) معجزات الإمام علي في كتاب الجفر

تنبأ بسقوط الرئيس حسني مبارك وتولي المشير حسين طنطاوي حكم مصر!

http://abo-omer.yoo7.com/t15861-topic

 

· الكتاب تنبأ بحاكم لمصر اسمه «ناصر» يكني بشجاع العرب

· .. وبحاكم اسمه «سادا» يموت علي كرسي جيشه بعدما صالح لصوص المسجد الأقصي!

· «الجفر» حدد موعد قيام ثورة تونس في شهر صفر

· .. ويبشر بحاكم مصر «صحابي» يحل المشكلة الاقتصادية ويطلق الحريات وينتصر لحقوق الإنسان ويستعيد القدس الشريف

· الإمام علي تنبأ بسقوط «دولة اللئام»

· الكتاب تنبأ بقيام إسرائيل بسرطنة الأرض الزراعية

تنبأ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بقيام ثورة 25 يناير المجيدة وسقوط الرئيس المصري حسني مبارك! وتنبأ الصحابي الجليل كذلك بقيام المشير «حسين طنطاوي» بحكم مصر في هذه الفترة الانتقالية! وتنبأ أيضا بقيام ثورة تونس وحدد الشهر وهو «صفر» والذي وافق شهر يناير! وتنبأ علي بن أبي طالب كذلك بأحداث كبري مرت في تاريخ مصر وبأن يحكمها رجل يكني «ناصر» يدعوه العرب بشجاع العرب! وتنبأ أيضا بنصر أكتوبر علي يد السادات في أحب شهوره وهو شهر رمضان وقبل أن تتعجل وترمينا بالجهل وتكريس الخرافة والدجل ندعوك لقراءة السطور التالية.. فقد تغير رأيك أمام بعض الحقائق الصادمة وبعض المعلومات المذهلة:

فنحن ننقل هذه المعلومات عن كتاب «الجفر» المنسوب لمؤلفه الصحابي الجليل الذي قال النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ عنه: «إن العلم منارة وعلي هو بابها».

أما كتاب «الجفر» فقد دونه الإمام علي بالرمز وهو قائم علي فكرة تدوين الاحداث المستقبلية تأسيسا علي أسرار تعرف «بعلم الجفر» ومعناه «علم استنطاق الحروف» وهو علم يقال إن الإمام علي كرم الله وجهه تلقاه عن النبي محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ ويستطيع هذا العلم الاجابة عن أي سؤال عن الأحداث التي تقع في أي زمان ومكان وقد سمي بالجفر لان الصحيفة التي كتب فيها من جلد الماعز، والكتاب عبارة عن 28 بابا وفي كل باب 28 صفحة وفي كل صفحة 28 سطرا، وفي كل سطر 28 بيتا ـ أي خانة ـ فلكل بيت أربعة أحرف الحرف الأول للبيت والثاني للسطر والثالث للصفحة والرابع للباب.

ويخبر هذا العلم بما كان وما سيكون إلي قيام الساعة..والله أعلم.

 وقبل الحديث عن هذا العلم والنبوءات التي وردت في كتاب الجفر وتحققت نود أن نخبرك أهم ما يخصك عزيزي القارئ وأهم ما يجول بخاطرك الآن عن رئيس مصر القادم كما ورد في كتاب الجفر! خذ هذه المفاجأة فالرئيس الذي يبشر به الكتاب يصفه بـ«صحابي مصر».

فهو صحابي مصر الذي يعيد لها الصحابة بأنوارها ويرسو بها علي برها بعدما تراضي الناس عن الفجور وتهاجروا علي الدين إلا من رحم ربها «رب الكنانة» وبما يفيد بأن الرئيس المنتظر سيحكم بمرجعية إسلامية، وربما يكون من جماعة الاخوان المسلمين.

نعود إلي علم الجفر ونشير إلي كتاب «نهج البلاغة» الذي يضم خطب الإمام علي وهي خير شاهد علي ما نقول ففيها من أخبار العلم والفتن وما سيكون، أشياء تحدث وتكتشف في هذا الزمان.

أدوات هذا العلم هي 28 حرفا مع الإلمام الكامل لمعاني اللغة العربية ومعرفة القواعد الخاصة باستنطاق الحروف بما يناسب السؤال وزمانه.

أما الحروف المستخدمة في تلك العملية في «أ ب ج د هـ و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر س ت ث خ ذ ض ظ غ» وبها أرقام يتم استخدامها في الاستنطاق وهي «1و2و3و4و5و6و7و8و9و10و20و30و40و50و6 0و70و80و90و100و200و300و400و500و600 و700و 800و900و1000» فلكل حرف رقم فحرف الألف «1 والباء 2 والـ غ 1000 والـ ظ 900»، ربما اللافت للانتباه هو أن هذا الكتاب سبق نبوءات العراف الفرنسي الشهير نوستراداموس بقرون الذي تبنأ بظهور هتلر وبالحرب العالمية الثانية وأحداث 11 سبتمبر قبل وقوع تلك الأحداث بقرون وقد استخدم نفس طريقة الجفر وهي الأبيات الشعرية. بل يقول باحثون في علم الجفر إن نوستراداموس استقي نبوءاته الشهيرة من جفر سيدنا علي.

فمن أغرب ما ورد في الجفر عن ثورة تونس تلك الجملة البسيطة التي أشارت إلي اندلاع تلك الثورة وهي "في صفر يأتيك من تونس الخبر" أي أنه في شهر صفر الموافق لشهر يناير يحدث حادث جلل في تونس وقد حدث بالفعل.

أما مصر فورد ذكرها في الجفر عدة مرات بل جاء أيضاً ذكر ثورة 25 يناير وتنحي مبارك ومحاكمة أحمد عز وغيرها من الأحداث التي وقعت في مصر خلال الفترة الأخيرة. ففي أحد مقاطع الجفر التي تصف تلك الأحداث جاء بالنص: «وإذا فاضت اللئام بأرضها وغارت السماء لكنانتها بعدما غار الصدق وفاض الكذب وصار العفاف عجباً فزلزل زلزالها.. وبعد دهر قام لها قائمها صاحب لا رهج له ولا حس بعدما كان ملء السمع والبصر اسمه معروف وبالحسن موصوف ينشل مصر من شجرة الحنظل ومن ألف عين له نداء كرائحة الثوم.. يخرج وسيده بهوان بعدما صال اليهود علي الكنانة صيال كلب عقور، فيوقظ الصحابي أهلها من سبات ويبعثهم الله بعث الأموات. .فلكل أجل كتاب ولكل غيبة إياب».

بالطبع يحتاج هذا المقطع إلي تفسير رغم أن بعض أجزائه لا يمكن توضيحها بشكل قاطع. فالمقطع الأول الذي يتحدث عن اللئام هو بكل تأكيد إشارة واضحة إلي الفاسدين الذين اكتظت بهم مصر خلال سنوات حكم مبارك، أما جملة "صار العفاف عجباً" فهي تصوير رائع للفساد الذي ملأ الحياة في مصر خلال العقود السابقة، أما الزلزال فهو زلزال عام 1992 الشهير. ربما الشخصية التي ورد الحديث عنها تبدو غامضة بعض الشيء وإن كانت بعض تلك الأوصاف تنطبق علي المشير محمد حسين طنطاوي فهو لا رهج له ولا حس بمعني أنه قليل الكلام والظهور الإعلامي قبل وبعد الثورة، وبالطبع هو معروف لكونه وزيرا للدفاع لسنوات طويلة، وبالحسن موصوف لأن اسمه الثاني هو "حسين" . ويدعم ذلك ورود اسم حاكم مصر بعد مبارك بالأحرف الأولي في الجفر والذي يشار إليه بحرفي "م. ح" ويؤكد ذلك ما قيل إن هذا الرجل «ينشل مصر من شجرة الحنظل» وهي شجرة معروف عنها أنها ذات ثمرة مرة ولكنها تطرد الثعابين" والمقصود بها هنا هو نظام حكم ثورة يوليو التي انتهت فعلياً بثورة يناير. ولا يمكن لأحد إنكار الدور الذي لعبه الجيش وقائده العام في حماية الثورة وتنحي مبارك بعد ان انحاز للشعب، أما الأكثر إثارة في هذا المقطع فهو أن هذا الرجل انتشل مصر أيضاً من "ألف عين" في إشارة إلي أحمد عز والذي تتأكد هويته بندائه الذي له رائحة الثوم أي الرائحة الكريهة، وجميعنا يعلم كما كانت تصريحاته كريهة لدي الاغلبية الساحقة من المصريين ومنها علي سبيل المثال لا الحصر مقولة «جمال مبارك مفجر ثورة التطوير». أما الإشارة إلي أنه «يخرج هو وسيده بهوان» فليس أجل منها علي محاكمته وخروجه من الحكم وبالطبع مبارك هو سيده الذي خرج هو الآخر بشكل مهين وربما الأعجب هو أن هذا الخروج مرتبط بعلاقة مبارك باليهود، حيث حدث ذلك بعد " صال اليهود علي الكنانة صيال كلب عقور" وهي جملة تشير إلي وقاحة اليهود في التعامل مع مصر بسبب مبارك وسياساته. أما عودة مصر إلي ما كانت عليه من قوة وثقل إقليمي فيبدو واضحاً في جملة «لكل أجل كتاب ولكل غيبة إياب».

التعامل مع ما ورد في الجفر ينبغي أن يكون بمنتهي الدقة مع الالتفات لمعاني الكلمات. ففي جملة أخري جاء فيها ذكر مصر ورد التالي: "ولا تري الكنانة الفرح الدائم إلا بعد انتباه النائم.. وتعمر القاهرة بالقلة الظاهرة، ويفوح شذا طيب الميم فلا يشمه إلا كريم ذو عقل سليم.. فيملك سهام الكنانة المهيئون لحفظ الأمانة».

تبدو تلك الجملة كإشارة واضحة لا لبس فيها لثورة 25 يناير، حيث الفرح الدائم بعد أن أفاق المصريون من غفوتهم وحيث تعمر القاهرة بالقلة الظاهرة وهي إشارة إلي ثوار ميدان التحرير، فهم قلة ظاهرة بين أكثر من عشرين مليوناً يسكنون القاهرة وضواحيها، أما الإشارة الواضحة إلي المجلس العسكري فتبرز في «يملك سهام الكنانة المهيئون لحفظ الأمانة» والتدقيق في تلك الجملة يبرز ذلك خاصة كلمة الأمانة التي تشير إلي أن مصر اليوم تعد وديعة في أيدي القوات المسلحة يحكمونها لحين انتخاب رئيس للجمهورية ومجلس شعب جديدين، لم يقتصر ذكر مصر علي الأحداث الحلية، حيث ورد ذكر السادات وعبد الناصر ومبارك أكثر من مرة منها تلك الجملة التي تقول «وفي عقود الهجرة بعد الألف وثلاثمائة، عد خمسا أو ستا يحكم مصر رجل يكني ناصر يدعوه العرب شجاع العرب، والله في حرب وحرب وما كان منصورا ، ويريد الله لمصر نصرا له حقا في أحب شهوره وهو له ، فأرضي مصر رب البيت والعرب بأسمر سادا ، أبوه أنور منه ، لكنه صالح لصوص المسجد الأقصي بالبلد الحزين».

جاءت الإشارة إلي جمال عبد الناصر في ذلك إشارة واضحة وصريحة إلي حربي 1956 و1967 وإلي السادات بالرمز في "اسمر سادا وأبوه أنور منه" ويتأكد ذلك من الجملة التالية والتي تفيد بأنه صالح لصوص المسجد الأقصي بالبلد الحزين وهي القدس.

إشارة أخري إلي مصر في المقطع التالي" "ويدور زمان علي الكنانة يفجر فيها الفاجر ويغدر الغادر ويلحد فيها أقوام .. ويمحو الله الخاسر بالظافر خلطاً صالحاً وسيئا يقتله قاتل وهو علي كرسي جيشه وتروح المفاتيح لحسن.."

يصف هذا المقطع حال مصر خلال فترة حكم عبد الناصر والذي يشار إليه بالخاسر والذي يحل محله الظافر وهو السادات الذي حقق النصر علي اليهود ويتم قتل السادات وهو علي كرسي جيشه أي في العرض العسكري. أما "تروح المفاتيح لحسن" فهي إشارة إلي تولي حسني مبارك رئاسة مصر بعد موت السادات.

أما حرب اليهود السرية ضد مصر فتظهر في مقاطع أخري منها ما يلي: "وتري ما تري الكنانة حرب في البر من يهود يبغون لجندها الهلاك.. ينثرون بأرضها الموت غباراً نثراً ويذرون بالذاريات ليلاً وظهراً .. يريد اليهود سكب الوباء سكباً ويستودعوه نهراً استودعه الله مصراً.

تشير تلك الجمل إلي المبيدات المسرطنة فاليهود ينثرونها في الأرض نثراً وهي توصف بالموت في هذا المقطع نظراً لخطورتها القاتلة علي صحة البشر.

ويرد ذكر المصريين وحاكم مصر المستقبلي في عدة مواضع من الجفر الذي يصفه بأنه «صحابي مصر» فهو «صحابي مصر الذي يعيد لها الصحابة بأنوارها ويرسو بها علي برها بعدما تراخي الناس علي الفجور وتهاجروا علي الدين إلا من رحم ربها» رب الكنانة.

وفي موضع آخر: "يفلق صحابي مصر الأمر فلق الخرزة ليصدق رائد أهله ويجمع شمله وليقوم بدوره" وهي جملة تبدو غامضة إلي حد بعيد ويبدو من الصعب تفسيرها، أما مصر فهي في الجفر "سند ومدد مملوكة بيد المؤمن وتغدو للمهدي جناحه الأيمن بعدما تقوم جموع" وتلك إشارة أخري إلي الثورة التي قامت فيها الجموع. وفي موضع آخر يأتي ذكر مصر فهي "سند المهدي .. ويعد أهلها البلاء حتي يقولون ما أطول هذا العناء." ربما في إشارة إلي فترة حكم مبارك الطويلة والعناء الذي لا قاه المصريون طوال سنوات حكمه العجاف.

ومصر أيضاً في الجفر هي التي "يسميها اليهود عدوهم الذي بالجنوب" والمصريون في الجفر أيضاً "لهم البشري بدخول القدس بعدما يسرج الله في مصر السراج المنير.. صحابياً يغدو فيها علي مثال الصالحين ليحل فيها ربقاً ويعتق فيها عتقاً ويصدع شعباً ويشعب صدعاً." وتحتاج تلك الجمل إلي بعض التفسير فيحل فالربق هو الخيط وبالتالي تعني الجملة أن هذا الحاكم الذي لا يمكن لنا تحديد هويته سيحل مشكلة مصر المزمنة وهي المشكلة الاقتصادية كما أنه سيعتق فيها عتقاً بمعني أنه في عهده سيتم احترام حريات الأفراد وستختفي انتهاكات حقوق الإنسان. أما جملة "يشعب صدعاً ويصدع شعباً" فهي مجرد دلالة رمزية علي أن هذا الحاكم سيقلب الموازين وهو أمر رأيناه بوضوح في محاكمة كافة كبار مسئولي نظام مبارك في الوقت الذي خرج فيه المعتقلون السياسيون من السجون.

تلك هي بعض الجمل التي وردت عن مصر في الجفر وهو الكتاب المشفر الذي يرتبط فك شفرته بتوقيتات فلكية معينة ربما هي ما تحدد الإطار الزمني للأحداث. وبالتأكيد لا تقتصر تلك النبوءات علي مصر، حيث ورد في الجفر أحاديث عن حريق المسجد الأقصي وانتفاضة الحجارة وغزو الكويت وحرب العراق والحصار الدولي للشام في أعقاب الأحداث التي تشهدها سوريا حالياً وأحداث أخري عديدة بعضها حدث والآخر لم يحدث حتي الآن.

بقي القول إن كتاب الجفر رغم كل ما ورد به من نبوءات صادفت الواقع احيانا وتطابقت معه أحيانا أخري يلقي معارضة من شيوخ السنة بينما يلقي تأييدا واسعا من شيوخ الشيعة الذين قالوا في مصادرهم: إن كتاب الجفر هو كتاب أملاه رسول الله ـ صلي الله علي وسلم ـ في أواخر حياته المباركة علي وصيه وخليفته علي بن أبي طالب عليه السلام وفيه علم الأولين والآخرين ويشتمل علي علم المنايا والبلايا وعلم ما كان ويكون إلي يوم القيامة وقد جمعت هذه العلوم في جلد شاه

 

 

( 2 ) قصة يأجوج ومأجوج ورحلة ذي القرنين إلى الكواكب

تفسير جديد

وردت القصة في كتاب الطور المهدوي للمفكر القصدي للنيلي .

http://www.alhassanain.com/arabic/al...dawei/main.htm.

إن قصة ذي القرنين مختلفة عن جميع القصص القرآني، وهي أكثرها غموضاً على الإطلاق. ويكفي في ذلك أنهم اختلفوا في شخصيته على عشرة أقوال وسبب تسميته على أحد عشر قولاً.. كما اختلفوا في ثمانية عشر لفظاً ورد في القصة رغم قصرها الشديد. وبقيت القصة إلى اليوم لغزاً محيراً عند العلماء. إذ وجدوا ان عبارات مثل (اتبع سببا)، (ساوي بين الصدفين)، (وجدها تغرب في عين حماة)، (لم نجعل لهم من دونها ستراً)، وجدوها، مع القوم يأجوج ومأجوج أشياء مستعصية على الفهم.

والذين حاولوا تفسير جميع الألفاظ، بحسب ما فهموه- من غير ما نظر لأجواء السورة نفسها وأغراضها تورطوا أكثر حينما ظلت الكثير من الأسئلة بغير إجابة!.

قالوا أن السد الذي بناه ذو القرنين في أذربيجان.. ولم يعثر أحد في المنطقة على ذلك السد! وقالوا ربما يكون ذلك سور الصين.. علماً أن سور الصين من حجر والمذكور في القرآن من حديد ونحاس. وتساءل الناس من هم يأجوج ومأجوج وأين يقطنون.. فافترض البعض أنهم سكان الصين، بالرغم من أن صفتهم في المأثور النبوي لا تشبه صفة بني الإنسان على أرضنا من قريب ولا من بعيد.

وقام صاحب الميزان بإحصاء الصور المحتملة لسرد القصة بناء على المعاني المتعددة

والوجوه المختلفة للمفسرين فوجدها تبلغ أكثر من مليون صورة محتملة، واستنتج من ذلك أن أي كتاب مهما بلغ من العلم لن يتمكن من صياغة قصة غامضة على هذا النحو لتعطي هذا العدد من الصور، مما يدل على سماوية القرآن!!. ولا نريد مناقشة هذا الاستنتاج بالمقارنة مع وصف القرآن لنفسه بأنه (مبين).لقد استخدمت في القصة لغة قرآنية بخلاف القصص القرآني وورود ذكر اسم أقوام مجهولين عندنا هم (يأجوج ومأجوج)، إذ لا يوجد على الأرض قوم آذانهم طويلة تستخدم عندهم فرشاً وغطاءً وبمقدورهم شرب ماء بحيرة طبرية عن آخره، كما ورد في الحديث، كما لا يوجد قوم على الأرض لا ستر لهم من الشمس ولا يوجد سور في الأرض يشبه سد ذي القرنين- مما يدل على أن أي تفسير يحاول فك رموزها على نطاق الأرض سيكون فاشلاً.

ولا أدري لماذا لم يتأمل المفسرون بقول الإمام علي (ع) [كل البشر ولد آدم- إلا يأجوج ومأجوج- إذ تكفي هذه العبارات بمفردها على التيقن من أن الرحلة كانت لخلق ليسوا من ولد آدم وبالتالي فإنها ليست رحلة أرضية.

إن الحديث يعني أنهم مجبولين من الطين ولكنهم لم يصلوا بعد إلى مرحلة الآدمية وبإمكاننا أن نفترض أنهم إذا كانوا في أرض أخرى في كوكب آخر فأن لهم طباع مختلفة وعلاقة بالجاذبية والمجالات المغناطيسية وأوزان مختلفة عنا تماماً. وبالتالي فإن لهم قدرات جسمانية تناسب كوكبهم تعتبر شديدة الوطأة بالنسبة لنا لكننا نتفوق عليهم بالقدرات العقلية وباجتياز مراحل من الآدمية.

ما هي الدلائل على أن هؤلاء في كوكب آخر وإن رحلة ذي القرنين كانت في الفضاء؟ إن الدلائل كثيرة جداً ومن أهمها الأسلوب القرآني نفسه:

فلم يذكر القرآن سفراً أو رحلة بمثل هذه العبارة: [ثم أتبع سبباً].. فهذه العبارة بمفردها تدل على السفر في الفضاء، ذلك لأنها في القرآن لم تستخدم إلا في هذا المعنى فقط:

المورد الأول: [...يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب. أسباب السماوات فاطلع إلى إله موسى...]  36/37-غافر.

المورد الثاني: [من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء فليقطع] 15/الحج.

المورد الثالث: [أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما. فليرتقوا في الأسباب] 10/ص.

فهذه الموارد واضحة في معنى الارتقاء إلى الفضاء. والموارد الأخرى الأربعة في نفس القصة، ومجموع الموارد لهذا اللفظ (الأسباب) هو ثمانية موارد.

وهناك مورد واحد فقط لا يصرح بالرقي إلى السماء هو قوله تعالى [إذ تبرأ الذين أتُبّعوا من الذين أتَبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب].

وهو أيضاً للرقي إلى السماء- إذ سيأتيك البرهان- في فصل جنات الطور المهدوي وعذابه أن هذا عذاب المرحلة المهدوية حيث سيحاول الكفرة الهرب من الأرض عند رؤية العلامات الكونية- لاعتقادهم بدمار الأرض- وهو الذي يفسره المقطع في سورة الرحمن [لا تنفذون إلا بسلطان- يرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران].. وفي الآيات دليل على أن الطور المهدوي يبدأ عند محاولة البشر تجربة القيام برحلات إلى الفضاء. ولذلك قال تقطعت (بهم) ولم يقل تقطعت بينهم الأسباب، ليدل على أن الفشل يلاحق الأسياد وعبيدهم على حد سواء. أي تقطعت بهم جميعاً. والبراهين على وجود عذاب دنيوي قبل القيامة كثير جداً تأتيك في محلها بإذن الله.

رأينا في الأحاديث السابقة أنهم (ع) يؤشرون إلى جهة المغرب أكثر من مرة.. لوصف كواكب وأقوام. فما هو الموجود في جهة الشمس لحظة الغروب؟. الموجود عند غروب الشمس –باتجاه الشمس- هي الكواكب الداخلية الزهرة وعطارد فمن الممكن أن نتصور أن الرحلة كانت باتجاه هذه الكواكب وبخاصة أن الرحلة تمت بثلاثة مراحل:-

[ويسألونك عن ذي القرنين، قل سأتلوا عليكم منهُ ذِكرا. إنا مَكنّا له في الأرض وأتيناه من كل شيء سببا. فاتبع سببا] الكهف/83-85.

تبدأ القصة على هذا النحو.. فالسفر في الفضاء شيء وقد آتاه الله من كل شيء سببا فليكن السفر الفضائي من جملة ما آتاه:

حديث (13):

عن أمير المؤمنين في قوله تعالى [وآتيناه من كل شيء سببا] قال: [وأعطيناه من كل شيء علماً وقدرة وآله يتوصل بها إلى مراده] قصص الجزائري/ ذو القرنين.

يذكر الإمام (ع) هنا وجود علم وآله توصله إلى مراده. وهكذا بدأت السفرة بثلاثة مراحل:

الأولى: [حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمأة ووجد عندها قوما]. لقد تحرك باتجاه الشمس لحظة غروبها_ إذن فهو متجه نحو مدار الزهرة.. وفي كل سنة تمر الزهرة بهذا المدار حيث تصبح مع الأرض في جهة واحدة. عند الغروب أيضاً وصل إلى الزهرة لأنه لا يستغرق أي وقت يذكر.

فوجد الشمس تغرب عليه في عين حمأة. أي في كرة أرضية عالية الحرارة داكنة اللون. لقد عبر الأئمة مراراً عن الكواكب بلفظ (عين) كما في النصوص الآتية:

حديث (14): في البحار عن الصادق (ع) [إن من وراء عين شمسكم هذه أربعين عين شمس].

حديث (15): فيه أيضاً عنه (ع) أيضاً [إن من وراء عين قمركم أربعين عين قمر].

حديث (16): [في البشارة في علامات المهدي (ع) عنهم (ع):[وبدنا بارزاً نحو عين الشمس].

العين في اللغة لها سبعين معنى.. لكن الأصل اللغوي لها هو: الشيء المكور بذاته والواضح وضوحاً كافياً ولذ سميت كرة الأبصار عينا وكرة الماء المتدفق ذاتياً من الأرض عينا.. أما كونها حمأة: فهو أوضح لأن الزهرة مرتفعة الحرارة إذ تقدر الحرارة فيها أكثر من مائة درجة مئوية.. مقابل 70 درجة أقصى حرارة للأرض. وهي شديدة اللمعان إذا شوهدت من الأرض- لكن سطحها مظلم لكثافة الغيوم على طول السنة. فورد ذكر هذه الظلمة في:

حديث (17): الجزائري في قصص الأنبياء عن علي (ع): [قال ذو القرنين أي يريد أن أسلك هذه الظلمة.. قالوا إنك تطلب أمراً ما طلبه أحد قبلك من الأنبياء والمرسلين.. قال لا بد لي من ذلك].

حينما تكون الزهرة في منطقة قريبة من الأرض، وينطلق ذي القرنين إليها فإنه يصل بطبيعة الحال إلى الجزء المظلم منها. لأنها كوكب داخلي. لاحظ الرسم.

[قال أما من ظلم فسوف نعذبّه عذاباً شديداً ثم يرُدُّ إلى ربه فيعذبّه عذاباً نكراً. وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا].

إذن (فوجد عندها)- عند العين أي الكرة الأرضية لا عند الشمس. وقوله سوف نعذبه يدل على أنه وضع لهم قوانين وأنظمة وعقوبات وأفهمهم أمر الدين وعين لهم مرشدين، وإذن لم يكن مسافراً بمفرده. كما أنه بقي عندهم مدة كافية ثم ذهب إلى مطلع الشمس.

وقد يقال: إذا بقى مدة طويلة فلا بد أن الشمس طلعت عليه عدة مرات؟ الجواب كلا لم تطلع الشمس وهو الذي أنطلق إلى مطلعها لأن الزهرة هي الوحيدة من الكواكب السيارة التي يومها طويل جداً بدرجة غريبة.. إن يومها أطول من سنتها؟ كما في النص العلمي الآتي:

نص علمي: [ولم نكن نعرف مدة دورتها حتى عام 1962 حيث كشف الرادار أن يومها يساوي 247 يوماً من أيامنا]- دليل النجوم- ص 60 د. عبد الرحيم بدر.

ولهذا بقي في الظلمة عدة أيام مواصلاً السير كما في هذا النص:

حديث (18): الجزائري في قصصه عن أمير المؤمنين (ع) قال [سارَ ذو القرنين في الظلمة ثمانية أيام وثمانية ليال ومعه أصحابه].

من الواضح أنه (ع) يقصد ما يساوي هذا العدد من أيام الأرض لا من أيام (الزهرة) حسب الفرض.

المرحلة الثانية: [ثم أتبع سببا- حتى إذا بلغ مطلع الشمس]

أنطلق أيضاً بالسرعة الفائقة، لكن باتجاه مطلع الشمس. إذا كان دوران الزهرة حول محورها بطيئاً جداً ويومها ما يقرب من سنة فيفترض أن يتجه إلى مغرب الشمس أيضاً ليذهب إلى الكوكب الداخلي الآخر، (عطارد) فلماذا اتجه نحو مطلع الشمس؟ الجواب أنه لو تحرك باتجاه مغرب الشمس لعاد إلى الأرض وهو لا يريد ذلك إنه يريد الانطلاق إلى عطارد.. والسبب هو أن الزهرة هي الوحيدة من السيارات التي تدور من الشرق إلى الغرب مخالفة بذلك جميع أفراد المجموعة الشمسية كما في النص العلمي: نص علمي: [... ولكن الرادار نفسه اكتشف شيئاً مذهلاً حقاً. وجد أن الزهرة تدور حول نفسها في اتجاه معاكس للكواكب الأخرى. فكل الكواكب تدور حول نفسها من الغرب إلى الشرق. أما الزهرة فتدور من الشرق إلى الغرب] الدليل ص 60.

[فوجَدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا]

تحرك إذن باتجاه مطلع الشمس ووجد هؤلاء القوم على كوكب (عطارد). وهؤلاء ليسوا من العلم بحيث يمكن تعليمهم وليسوا أشراراً ليعاقبهم إنهم شبه عراة يمرون بطور بدائي يشبه الطور الذي مرّت به الأرض قبل الزراعة وبناء المساكن.. ولذا لم يفعل باتجاههم أي شيء: [ كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ]- أي كنا نتابعه خلال حركته، بعلم احاطي.

المرحلة الثالثة: [ ثم أتبع سببا- حتى إذا بلغ بين السدين ]

سار ذو القرنين بنفس الاتجاه- نحو الكواكب الداخلية، والمشرق والمغرب أمر يخص الكرات الأرضية وهو لا علاقة له بذلك- ولذا لم يذكر القرآن هذه المرة المغرب والمطلع لأنه حدد لنا اتجاهه [بنقطتين يمكن رسم مستقيم بينهما] فلا ضرورة للكلام الزائد.[ فوجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً ]

هؤلاء درجة تطورهم أدنى من القوم السابقين وهم مساكين لا يحسنون حتى التعبير. فجعل تخلف اللغة دليلاً على تدني معارفهم وهو أدق المقاييس إطلاقاً. لم يعرف القوم من هو ذو القرنين، لذلك عرضوا عليه مطلبهم بسذاجة لمجرد أنهم رأوه بعساكر وقوة لا مثيل لها. عرضوا عليه أن يحميهم من يأجوج ومأجوج مقابل ثمن: [ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض- فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً ]؟

لكنه كان بين السدين فأين يريدون وضع السد الجديد؟

إن أكثر الفقرات غموضاً هو بناء السد- بالرغم من أنه ليس سداً كما سنرى. ولكن بناء على اقتراحنا السابق فإن هؤلاء القوم كانوا بين كوكبين في منطقة تعادل الجاذبية حيث هو المعبر عنه [بين السدين]- وهذه هي طبيعة هذا الخلق، ذلك لأن السد في التعبير القرآني هو الحاجز المانع عن الحركة والغير مرئي- أستخدم ثلاث مرات فقط.. مرتان هنا في فقرات بناء السد- ومرة واحدة بالمعنى الذي ذكرناه في يس: [ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ] 9/يس.

وهذا الاستخدام الوحيد الواضح وهو الذي يفك رموز الموردين الغامضين أعلاه.

أما يأجوج ومأجوج فإنهم على الكوكب الصغير نفسه، فهل كان يأجوج ومأجوج يهاجمون القوم منطلقين من كوكبهم؟

يبدو ذلك- ففي رواية عن أمير المؤمنين (ع) يذكر فيها أن ذو القرنين استمع في طريقه وهو بالرحلة إلى شرح مفصل من (أحد الملائكة) لعملية نشوء الزلازل- وعند التأمل فيها يظهر واضحاً الربط بين الزلازل وبين القوى المغناطيسية للكوكب- وسوف نوضح أمر هذه الرواية قريبا- ولكن الذي يهمنا منها الآن أن الكوكب قريب من الشمس والمجال المغناطيسي فيه شديد الوطأة يدل على ذلك ( أن كثافته مقاربة لكثافة الأرض رغم أن حجمه خمسة بالمائة منها وسرعته في المدار ضعف سرعتها تقريباً رغم أن يومه 58 يوماً من أيامنا مما يدل على شدة المجال المغناطيسي فيه). الخطوط المغناطيسية تخرج من دائرة صغيرة في القطب الشمالي ممتدة إلى دائرة مثلها في القطب الجنوبي- وفي القطب بالذات ينعدم تأثير القوة المغناطيسية- وهذا هو المنفذ الوحيد لخروج يأجوج ومأجوج! يؤيد ذلك طبيعتهم القائمة على سرعة الحركة:

حديث (18): البيضاوي في أنوار التنزيل وأسرار التأويل في يأجوج ومأجوج قال:[ وقيل أنهما من الترك وقيل أنهما اسمان أعجميان بدلالة منع الصرف ]

أقول أنه ليس في القرآن ما هو أعجمي:[ ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته ] 44/فصلت.

فالاسم مشتق من أج أي أسرع والآخر مشتق من مج ومعناه تحدّر أو إنسلّ فالأج والمج واحد في الفعل مختلف في الصورة الأول يظهر الإسراع والآخر ينسل خفية بإسراع فهو كالفارق تماماً بين الهمز واللمز.

القاموس: [ أج إذا أسرع وأصله الهمز ].

ما الذي فعله ذو القرنين؟ قام أولاً بتصحيح لغوي لطلبهم. فهم أرادوا سداً لكنه أخبرهم بأنه سيجعل بينهم ردماً! فما هو الفرق بينهما؟ إن الفرق بينهم يبين صحة الفرض السابق. فالسد رغم كونه قرآنياً غير مرئي لكن صورته الذهنية هي صورة الجدار الطولي. أما الردم فهو إغلاق فتحة علوية.

القاموس [ ردم الثلمة وردم الكوة إذا سدها أو أغلقها ]

فالكوة التي تدخل فيها الشمس تردمها ولا تسدها.

تخيل الخطوط المغناطيسية الخارجة من قطب مغناطيسي لآخر أو أنظر الرسم سترى هنا الثُلمة المغناطيسية.

إذا رأيت الرسم بإمعان فإن شكل الخطوط يشبه شكل الصدفة- صدفة المحار لكن الصدفة نفسها عليها نقوش خطوط تشبه تماماً خطوط الفيض على كرة ممغنطة- فهناك أيضاً في المحار دائرة صغيرة في الأعلى تخرج منها الخطوط على المحارة.

إن الخطوط المغناطيسية ( تنقطع ) عند القطبين وفي هذه النقاط تضعف القوة ويمكنهم الإفلات منها. والطريقة الوحيدة لمنع القوم من الخروج هو توصيل الفيض ما بين الصدفين ولا يتم ذلك إلا ببناء مغناطيسي شديد الفيض فوق القطب- فاللازم إذن استخدام الأسلوب العلمي لصناعة مغناطيس يوضع على القطب لسّد الثلمة التي تبلغ ثلاثة أميال. فالمجال يسد الثلمة لكن المغناطيس يوضع على الجهتين وهو أصغر حجماً من الثلمة بكثير.

كيف تصنع المغانيط الحديثة؟ يجيب على هذا السؤال النص العلمي الرسمي الآتي:[... فبناء على نظرية الدايبولات الحديثة تكون ذرة الحديد هي أفضل المواد الفيرومغناطيسية لأنها تحتوي على أربع إلكترونات لا إزدواجية في الطبقة الثالثة متشابهة في اتجاه البرم. وتصنع المغانيط الحديثة من خليط الفيرات وهي عبارة عن أوكسيدات الحديد مخلوطة مع أوكسيدات مواد فيرومغناطيسية أخرى كالنحاس- إذ يأتي بالدرجة الثانية بعد الحديد بالقابلية على التمغنط حيث تطحن أو تقطع هذه المواد إلى قطع صغيرة أو تضغط ثم تحرق بالنار فنحصل على مغانيط قوية ذات خصائص فريدة]- الفيزياء- كلية العلوم- جامعة بغداد.

لقد قام ذو القرنين بالعمل على هذا النحو تماماً:[ قال أأتوني زُبَر الحديد ].

قُرئت زُبًر الحديد بفتح الباء- والمعنى القطع العظيمة الكثيرة (القاموس). لكنهم في قوله تعالى [ فتقطعوا أمرهم بينهم زُبُرا ] اختلفوا بين الفتح والضم، وخالف ابن بري الجميع بما في ذلك خالويه حينما قال:

من قرأ زبُرا بالضم فهي جمع زَبُور- أي جعلوا دينهم كتباً كثيرة. ومن قال زُبَراً بالفتح فهي جمع زُبَرة- أي قطعة أي تقطعوا قطعاً.

سوف ننقل خلافهم الآن إلى موضوعنا! لأنهم تركوها اعتقاداً منهم بأن السد عظيم فالقراءة بالفتح حتماً. فلو قرأناها بالضم لكان المعنى أتوني قطع الحديد المقطعة قطعاً.. أي المسحوقة سحقاً. وهذا هو سبب قوله [فأعينوني بقوة]، أحتاج قوتهم لتقطيع الحديد لا لحمله.. لأنه كما يبدو من النص القرآني متوفر في المنطقة بكثرة.

لكن ابن منظور لا يرى فرقاً بين القراءتين فعنده زُبَر وزُبُر واحد هو الأجزاء الصغيرة. ومن هنا يتضح أن قول المفسرين قطعاً عظيمة لا مؤيد له من اللغة- فإن أرادوا وصف الكمية فهي كمية كبيرة ولا تحتاج لإيضاح إنما المقصود القرآني النوعية: أأتوني القطع المقطعة من الحديد لأحرقها واخلطها بالنحاس وأصنع منها أكاسيد تكون مغانيط فريدة!.

وهذا ما فعله- فلكي لا يضطر لنقل المغناطيس العظيم هذا فقد وضع الحديد بنفس المكان وبالشكل المطلوب بحيث يساوي في فيضه المغناطيسي بين الصدفين ثم أحرقه إحراقاً شديداً ثم رمى فيه النحاس:[ حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال أتوني أفرغ عليه قطراً ] - إذن فهو يعلم علاقة الفيض بحجم المغناطيس ونوعه.

أراد القرآن بقوله جعلها ناراً تأكيد عملية الإحراق في الجو لتكوين الأكاسيد. أتفق الجميع أن القطر هو النحاس ولكن اختلفوا في نوعه:

قال جماعة: هو النحاس المصهور لقول ابن عباس [قطر آن] فجزأه إلى قطر وآن أي في أوج حرارته.

لكن صاحب القاموس وصاحب اللسان قالا: إنه نوع من النحاس ولم يحدداه إذن فهو أوكسيد النحاس الذي أسمه القديم (زنجار النحاس).

ولهذا أحرق الحديد وحده وأخر النحاس لكونه متوفر لديه كأوكسيد جاهز فيكفي المتبقي من الحرارة لإدخاله الخليط وصهره كون درجة انصهاره أوطأ من درجة انصهار الحديد. وإذن فعلى قراءة ابن عباس يكون معنى آن جاهزاً لا مصهورا! فأين هذا من قول المفسرين إنه بنى الحديد بالنحاس كما يبنى الحجر بالطين وسموه سد ذي القرنين رغم تصحيحه لخطأهم اللغوي وتسميته ردماً؟

[فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا].

لم يقل يظهروا عليه.. لأنهم أول مره رأوا الطريق مفتوحاً إلا هذا الشيء العجيب كحدوة الحصان.. أنها تعني لم يقدروا على خرق المجال وهي عبارة بالغة الدقة وتخلو من التاء لهذا الرمز.. وما استطاعوا له نقبا، عندئذ عرفوا أن هذا الشيء الغريب [ المغناطيس ] هو السبب فأرادوا تهديمه فما استطاعوا:

اللسان: نقبت خف البعير إذا تآكلت وتهرأت. إذن لم يحاولوا ثقبه كما ظن المفسرون بل حاولوا تهديمه لأن الثقب لا فائدة منه فالفيض متصل في الفراغ.

[ قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا ].

وهذا الوعد هو يوم المهدوية- كما سنبرهن عليه لاحقاً- ولهذا السبب أقترن خروج يأجوج ومأجوج بنزول المسيح (ع)- لأن دك الردم عند حدوث الوعد فيتمكنون من الخروج ثانية- ولما كان نزول المسيح (ع) مقترناً بظهور المهدي (ع)- دلّ ذلك على أن الوعد مفرده استخدمت للإشارة لهذا اليوم كما سيأتيك في اقترانات الوعد بالألفاظ الأخرى.

أدلة أخرى متفرقة من المأثور على صحة التفسير

حديث (18): الجزائري في (النور المبين) عن أمير المؤمنين في قوله تعالى [إنا مكنا له في الأرض] قال (ع): [سخر له السحاب ومد له في الأسباب فكان عليه الليل والنهار سواء].

الحديث واضح في تمكنه من السفر في الفضاء لوجود عبارتي السحاب والأسباب واستخدامه (ع) مد- إشارة إلى قوله تعالى [فليمدد بسبب إلى السماء].

كانت سرعته فائقة جداً- فيتمكن من الخروج من الليل والدخول في النهار ولهذا كانا عليه سواء أي بدون مرور زمن.

حديث (19): الجزائري أيضاً عنهم (ع) في الإجابة عن سبب تسميته ذي القرنين قالوا (ع): لأنه دخل النور والظلة].

 ويحلل بالتحليل نفسه فهو يدخلهما بوقت واحد من غير انتظار لحركة الفلك لامتلاكه السُرع الفائقة، وإلا فلا معنى للحديث، لأن أي فرد منا يمكنه الدخول إلى النور والظلمة. إن هذا يفك الرموز في حديث آخر حول شكل الأرض- حيث ورد في المأثور إجابة عن السؤال عن شكل الأرض أنها [على قرني ثور].

أي: على شكل قرني ثور فتعطي صورة الشكل المفلطح للأرض بدقة علمية أكبر وإذن فلا مكان للسخرية من هذا الحديث الشريف من قبل أولئك المتحذلقين بغير ما دراسة في نصوص وآثار دينهم. يدل عليه قولهم (ع) عن ذي القرنين ( أنه بلغ قرنيها) أي الأرض- أي بلغ جزئيها المتقابلين كقرني ثور شرقها وغربها. يدل عليه أيضاً:

حديث (20): السمرقندي عن النبي (ص): قال: [ سمي بذي القرنين لأنه طاف شرقها وغربها]. إن المثير للسخرية ليس هذا الحديث وأمثاله وإنما بقاء الأمة الكبيرة ألف وأربعمائة سنة جاهلة بمعاني تلك الأحاديث.

حديث (21): العياشي في تفسيره عن علي (ع) بشأن ذي القرنين:[ثم رفعه الله إلى السماء الدنيا فكشط الأرض كلها حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب]. الحديث صريح في أن رحلاته كانت في الفضاء.

كشط في اللغة- كشف (وإذا السماء كشطت)- أي فرجت وكشفت.فاستعمل (ع) لفظ كشط للدلالة على نوع الحركة- لارتباطه في القرآن بالسماء فقط.

حديث (22): الراوندي في قصص الأنبياء (ع) عن الباقر (ع): [ حج ذو القرنين بستمائة ألف- فسار إلى إبراهيم (ع) فقال إبراهيم (ع) بم قطعت الدهر؟]

أنّ قطع الدهر يعني (اختصار الزمن)- فهو يقطع المسافات التي لا تقطع إلا بالدهور مثل لمح البصر. ومن الواضح أنه ليس على الأرض مسافات تستغرق دهوراً- لأن الدهر حدد في القاموس على أنه ثمانين سنة.

نص آخر: البيضاوي في أنوار التنزيل حول المرحلة الثالثة من الرحلة قال:

[ثم أتبع سببا يعني طريقاً ثالثاً معترضاً بين المشرق والمغرب من الجنوب إلى الشمال].

إن هذا النص يؤكد ما قلناه من تحركه للمرة الثالثة نحو القطب الشمالي للكوكب لسد الثلمة المغناطيسية.

على أن في رواية الجبل المحيط- تنكشف أسرار أخرى- في القرآن تأتيك في محلها. وهنا سوف نذكر الرواية فقط مع تعليق موجز:

حديث (23) رواية الجبل المحيط:

سخر قوم من المعاصرين من مثل هذه الرواية واستنكروا أن ترد في الكتب المعتبرة. ولهم الحق في ذلك إذ لم يكلفوا أنفسهم عناء التأمل والبحث:في [ إكمال الدين وإتمام النعمة ] بسنده عن أمير المؤمنين علي (ع) قال:

[ثم مشى على الظلمة ثماني أيام وثمانية ليال وأصحابه ينظرون إليه حتى انتهى إلى الجبل المحيط بالأرض كلها وهو الجبل الأعظم. وإذا بملك من الملائكة قابض على الجبل وهو يسبح فخر ذو القرنين ساجداً فلما رفع رأسه قال له الملك: كيف قويت يا ابن آدم على أن تبلغ هذا الموضع ولم يبلغه أحد من بني آدم قبلك؟ قال: قواني عليه الذي قواك على قبض هذا الجبل وهو محيط بالأرض كلها. قال الملك صدقت لولا هذا الجبل لانكفأت الأرض كلها وليس على الأرض جبل أعظم منه وهو أول جبل أسسه الله ورأسه ملصق بالسماء الدنيا وأسفله بالأرض السابعة السُفلى وهو محيط بها كالحلقة وليس على وجه الأرض مدينة إلا ولها عرق إلى هذا الجبل فإذا أراد الله أن يزلزل مدينة أوصى إلي فحركت العرق الذي يليها فزلزلتها].

إن الحديث يوضح المغناطيسية الأرضية ويوضح الصلة بينها وبين الزلازل فقوله:

محيط بالأرض كلها: لا يعقل بأن الإمام (ع) يقصد به جبلاً مرئياً فكيف يقول ذلك ولا أحد يرى هذا الجبل؟.

وإذن فهو جبل غير مرئي.

قوله: ليس على الأرض جبل أعظم منه: فهو أعلا الجبال فعلاً وأكبرها حجماً.

قوله: وهو محيط بها كالحلقة: تصوير رائع في جميع جهاته. لأن المنظر العلوي والجانبي والمجسم كلها تظهر المغناطيسية على شكل حلقات.

قوله: ما من مدينة إلا ولها عرق إلى هذا الجبل! تصوير رائع آخر بالغ الدقة لرسم الخطوط المغناطيسية، التي تمر بكافة بقاع الأرض!.

قوله: رأسه ملصق بالسماء الدنيا- أي بالسماء القريبة تحديد آخر لمدى ارتفاع الخطوط الذي يبلغ بضعة آلاف الكيلومترات.

قوله: وأسفله بالأرض السابقة السُفلى: تحديد علمي آخر فيه دقة مدهشة! فلم يكتف بالقول الأرض السابعة حتى قال السفلى ليدلل على أنه في باطن الأرض أيضاً لأن الخطوط تدخل من القطب الشمالي إلى الجنوبي في عمق الأرض وفي أي مغناطيس آخر. وهذا ما يسمى بالقلب المغناطيسي للأرض. أنظر الرسم. علماً بأن طبقات الأرض سبعة طبقات!.

قوله: وهو أول جبل أسسه الله. تحديد علمي آخر مدهش! فإن المغناطيسية كقوة طبيعية تكون مرافقة لتكون الأرض وجزء لا يتجزأ من طبيعة وجودها وكتلتها وهو قطعاً سابق على نشوء أية تضاريس جبلية! بل فيه إشارة إلى تكون الجبال فيما بعد! حسبما أثبتت العلوم الجيولوجية.

فما هو المثير للسخرية في هذا الحديث المقدس؟.

أهو قوله وإذا بملك قابض على الجبل؟

نعم إنه قابض بمجمع الخطوط الكائن في القطب وهو الذي يحدد زاوية الميل المحوري لكل كوكب. وفي الأرض تتحكم هذه الزاوية بكل مصيرنا ومستقبلنا! فليست الزلازل وحدها هي بفعل القابض على الجبل! لأن زاوية الميل هي التي تتحكم في تعرض الأرض لأشعة الشمس وبالتالي يتكوّن الرياح والأمطار.. والأنهار.. إن مصير البشر وأرزاقهم تتحكم بها زاوية الميل المحوري.

أما سر المغناطيسية فلا أحد يأمل في الوصول إليه:

نص رسمي: [.. وتجدر الإشارة إلا أن مغناطيسية الأرض معقدة جداً بالرغم من الفرض الجديد للألماني وولتر القائم على أساس التيارات المائعة في قلب الأرض إذ لا زالت الحقائق عنها هزيلة والمعروف منها أمور متضاربة تجعل الحصول على نظريته حصيفة عن أصل المغناطيسية الأرضية أمراً بعيد المنال.]!!. نظرية المجال/كلية الهندسة.

وتشير معادلات ماكسويل في الحقل المغناطيسي إلى أن فيض الحقل يعتمد على قيمة الشكل المتجه للحقل وعلى القيمة الآنية للتمرير في المادة. وقيمة الشد تعتمد على حركة المحور وزاوية ميله.

ولذلك كان البيضاوي في (أنوار التنزيل) وابن منظور في (لسان العرب) يحومان حول المعنى من غير أن يعرفا أسراره:

البيضاوي: فلما ساوى بين الصَدَفين الصَدَف بالفتح والضم لغتان وكلاهما من (الميل) ولكن أي ميل لم يكن يدري؟ هكذا قالوا.

اللسان: والصدف منقطع الجبل المرتفع وبه قُرأ ساوى بين الصدفين!. والصدف غشاء الدُرّة، صَدَفُ الدُرّةِ غشاؤها.

إن عبارة (منقطع الجبل) المرتفع ليست لغوية قطعاً بل تسربت إلى المعاجم من علماء القرآن فهناك على القطب تنقطع الخطوط الشبيهة بالجبال. ولا معنى آخر لعبارته.

وعلى معنى غشاء الدرة يطابق المعنى بصورة أكثر دقة.. فهو يتضمن معنى الخيوط ومعنى الإحاطة.. فكأن المغناطيسية أشبه بغشاء يغطي الأرض كغشاء الدرة في الصدف!.

هذه خلاصة شديدة التركيز لما يتضمنه هذا الحديث من أسرار وعدا ذلك فإن له صلة بالكثير من الآيات القرآنية ومعانيها- لعل أهمها هو الباب الذي يفتحه الحديث لمعرفة الفرق بين الرواسي والجبال والذي يأتيك في موضعه بإذن الله تعالى.

ولا أدّعي ان اتجاه الحركة في الرحلة أمرُ محسومٌ تماماً وإن كنت أدّعي ان فضائية الرحلة أمرٌ لا شكّ فيه.

فلو أن العبارة القرآنية (حتى إذا بلغ مغرب الشمس(  قد تحقق معناها بوقت انطلاقٍ آخر معاكسٍ أي انه انطلق فجراً او صباحاً إلى مغرب الشمس لانعكست الحركة كلها وأصبح اتجاه الرحلة إلى الكواكب الخارجية وهي المريخ واقمار المشتري ثم المشتري. وفي كل الاحوال يبقى هذا الاحتمال ممكناً كالأول لحين ظهور حقيقة في النص تثبت أيهما الذي حصل بالفعل. ولكن ذلك كله لا يؤثر على صحة الفرض بفضائية الرحلة ولا ما ذكرناه اجمالاً عن كيفية بناء السد.

وفي كتابنا  )ملحمة جلجامش والنص القراني ( توضيحٌ أكثر إسهاباً يطابق الاحتمال الثاني لاتجاه الحركة.

 

 

ملاحظة :مقتبسة من كتاب الطور المهدوي لمؤسس المنهج القصدي للمرحوم النيلي وهذا رابط الكتاب

 http://www.alhassanain.com/arabic/al...dawei/main.htm.

( منقول من موقع نادي الفكر العربي

http://www.nadyelfikr.com/showthread.php?tid=34782

 

 

(3) كتب اشراط الساعة

 

القسم الأول – كتب لأهل السنة ( قديمة و حديثة (

1 – التذكرة فى أحوال الموتى و أمور الآخرة 1/2 – الامام القرطبى – تحقيق حمزة النشرتى و آخرون – المكتبة القيمة القاهرة – و له طبعات كثيرة جدا فى كل الدول العربية بعضها محقق و بعضها غير محقق ، بعضها كامل و الأخر مختصر و لكن هذه الطبعة التى ذكرتها هى أفضل الطبعات اخراجا و تحقيقا و طباعة ، و له طبعة فى دار الكتب العلمية - بيروت ، و طبعة قيمة فى المكتبة السلفية المدينة المنورة

و الكتاب اختصره الامام الشعرانى – مؤسسة الرسالة – بيروت و القاهرة

2 – النهاية فى الفتن و الملاحم 1/2 - ابن كثير الدمشقى تحقيق محمد أحمد عبد العزيز – دار الجيل - بيروت و القاهرة - و له طبعة قيمة أخرى فى دار المعرفة بيروت و له طبعات أخرى كثيرة فى كل الدول العربية

3 – الاشاعة لأشراط الساعة – البرزنجى الحسينى / تعليق / محمد زكريا الكاندهلوى / قابله و اعتنى به / حسين محمد شكرى / دار المنهاج جدة و هى أحسن النسخ الموجودة على الاطلاق شرحا و عناية و تحقيقا و طباعة

و يوجد طبعة أخرى تحقيق / محمود عمر الدمياطى / دار الكتب العلمية بيروت

و أخرى / تحقيق / عصام الصبابطى – دار الحديث - القاهرة

4 – عقد الدرر فى أخبار المنتظر / الشافعى السلمى / تحقيق مهيب صالح / مكتبة المنار الزرقا الأردن وله طبعة أخرى تحقيق نخبة من العلماء / دار الكتب العلمية - بيروت و طبعة أخرى تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو/ مكتبة عالم الفكر - القاهرة و أفضلهم الأولى

5 – الفتن – نعيم بن حماد / تحقيق / مهيب صالح - مكتبة المنار - الزرقا - الأردن

نفس الكتاب و المؤلف / تحقيق / مجدى منصور سيد – دار الكتب العلمية - بيروت

نفس الكتاب و المؤلف / تحقيق / سمير أمين الزهيرى – مكتبة التوحيد - القاهرة

نفس الكتاب و المؤلف / تحقيق / سهيل زكار – دار الفكر - بيروت

6 – علامات الساعة الصغرى و الكبرى – ليلى مبروك – المختار الاسلامى - القاهرة

7 – نبوءات الرسول ما تحقق منها و ما سيتحقق – محمد ولى الله عبد الرحمن الندوى – دار السلام - القاهرة

8 – الصحيح المسند من أحاديث الفتن و الملاحم و أشراط الساعة – مصطفى العدوى – دار الهجرة للنشر - الرياض

9 – الضعيف و الموضوع من أحاديث الفتن و الملاحم و أشراط الساعة – مبارك البراك – مكتبة جزيرة الورد - المنصورة

10 – القيامة الصغرى – القيامة الكبرى – الجنة و النار – ثلاث كتب للدكتور عمر سليمان الأشقر – دار النفائس عمان الأردن – و لهم طبعة أخرى فى مكتبة الفلاح - الكويت

11 – مطابقة المخترعات العصرية لما أخبر به سيد البرية – أبو الفضل الغمارى – مكتبة القاهرة - الحسين - القاهرة

12 – المهدى المنتظر – أبو الفضل الغمارى – مكتبة القاهرة

13 – عقيدة أهل الاسلام فى نزول عيسى عليه السلام – نفس المؤلف و نفس المكتبة

14 – الخيوط الخفية بين المسيخ الدجال و مثلث برمودا و الأطباق الطائرة - محمد عيسى داود – دار البشير - القاهرة

15 – ما قبل الدمار....المسيخ الدجال على الأبواب – محد عيسى داود – دار البشير - القاهرة

16 – المهدى المنتظر على الأبواب - محمد عيسى داود – دار رندة للنشر - القاهرة

17 – صدام النبوءات – محمد عيسى داود – دار رندة آمون للنشر - القاهرة

18 – المسيح الدجال يغزو العالم من مثلث برمودا – محمد عيسى داود – المختار الاسلامى القاهرة

19 – المفاجأة – محمد عيسى داود – مكتبة مدبولى الصغير- القاهرة

20 – المسيح المنتظر و نهاية العالم - عبد الوهاب عبد السلام – دار السلام - القاهرة

21 – المهدى المنتظر - ابراهيم المشوخى - مكتبة المنار - الزرقا - الاردن

22 – العقلانيون و مشكلتهم مع أحاديث الفتن - مبارك البراك - دار الايمان - الاسكندرية

23 – المهدى المنتظر و أدعياء المهدية - محمد بيومى - مكتبة الايمان - القاهرة

24 – هل الدجال يحكم العالم – أبو الفداء محمد عزت محمد عارف – دار الاعتصام - القاهرة

25 – الخطر المحدق من نحو المشرق – يوسف صبرى – مكتبة عالم الفكر - القاهرة

26 – المهدى و أشراط الساعة – محمد على الصابونى – مكتبة الغزالى - دمشق

27 – يأجوج و مأجوج قادمون – هشام كمال – دار البشير - القاهرة

28 – اقترب خروج المسيح الدجال – هشام كمال – دار البشير

29 – عصر المسيح الدجال- هشام كمال – مركز الحضارة العربية - القاهرة

30 – أشراط الساعة و أسرارها - محمد سلامة جبر - دار السلام - القاهرة

31 – أحوال الآخرة و أهوالها – محمد سلامة جبر – لا أعرف دار نشر

32 – قصة المسيح الدجال و نزول عيسى عليه السلام و قتله اياه – محمد ناصر الألبانى – المكتبة الاسلامية – عمان الأردن

33 – القول المختصر فى علامات المهدى المنتظر – ابن حجر الهيتمى – الزهراء للاعلام العربى القاهرة

34 – المهدى حقيقة لا خرافة – محمد أحمد اسماعيل المقدم – دار الايمان - الأسكندرية

35 – البيان النبوى بانتصار العراقيين على الروم ( أمريكا و بريطانيا ) و الترك ( تركيا ) و تدمير اسرائيل و تحرير الأقصى – فاروق الدسوقى – توزيع مكتبة مدبولى القاهرة أو دار الدعوة الأسكندرية و لا يوجد له دار نشر

36 – موسوعة أشراط الساعة و القيامة الصغرى على الأبواب 1/10 - عشرة أجزاء – فاروق الدسوقى – توزيع مكتبة مدبولى القاهرة و دار الدعوة الاسكندرية بدون دار نشر

الجزء الأول – زلزال الأرض العظيم فى الكتاب و السنة و الانجيل و العهد القديم

الجزء الثانى – المدخل الى علم أشراط الساعة بمنهج المطابقة

الجزء الثالث – أمارات القيامة العلمية و التكنولوجية فى الكتاب و السنة

الجزء الرابع – أمارات القيامة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية

الجزء الخامس – المسيح الدجال بين الجبت و الطاغوت

الجزء السادس – المسيح الدجال طلاسم و ألغاز

الجزء السابع – أحداث ما قبل المهدى

الجزء الثامن – أحداث عصر المهدى و الملحمة الكبرى و فتح أوروبا

الجزء التاسع – نزول المسيح - عليه السلام - و يأجوج و مأجوج

الجزء العاشر – ما بعد المسيح – عليه السلام – الى قيام الساعة

و الأجزاء الستة الأولى هى التى صدرت فقط حتى الآن و الباقى لم يصدر

 

37 – أشراط الساعة – يوسف الوابل – دار ابن الجوزى - الدمام

38 – التصريح بما تواتر فى نزول المسيح – الكشميرى / تحقيق / عبد الفتاح أبو غدة – مكتب المطبوعات الاسلامية - حلب

39 – صحيح أشراط الساعة و وصف ليوم البعث و أهوال القيامة – مصطفى أبو النصر الشلبى – مكتبة السوادى – جدة ، أو دار ابن حزم - بيروت

40 – الحياة البرزخية من الموت الى البعث – محمد عبد الظاهر خليفة – دار الاعتصام - القاهرة

41 – مجموعة الأحاديث الواردة فى المهدى فى ميزان الجرح و التعديل 1/2 - عبد العليم عبد العظيم - دار ابن حزم - بيروت

42 – أشراط الساعة فى مسند الامام أحمد و زوائد الصحيحين 1/2 - خالد بن سعيد الغامدى - دار ابن حزم - بيروت

43 – يأجوج و مأجوج فتنة الماضى و الحاضر و المستقبل – الشفيع الماحى أحمد – دار ابن حزم بيروت

44 – المهدى المنتظر فى روايات أهل السنة و الشيعة الامامية – عداب محمود الحمش - دار الفتح للنشر - عمان - الأردن

45 – السنن الواردة فى الفتن و غوائلها و الساعة و أشراطها 1/6 - أبو عمرو الدانى / تحقيق / رضا نصرالله المباركفورى - دار العاصمة - الرياض

نفس الكتاب و المؤلف / فى مجلد واحد / تحقيق / محمد حسن اسماعيل / دار الكتب العلمية بيروت

46 – لوامع الأنوار البهية - أحمد محمد السفارينى – المكتب الاسلامى بيروت / و الكتاب فى الأصل كتاب عقيدة و لكنه متضمن حوالى مائتى صفحة عن اليوم الأخر و علامات الساعة

47 – مختصر لوامع الأنوار البهية – اختصار / محمد يوسف سلوم / تحقيق و ضبط محمد زهرى النجار - دار الكتب العلمية بيروت

48 – البحور الزاخرة فى علوم الآخرة - أحمد محمد السفارينى - لا أعرف دار نشر

49 - اتحاف الجماعة بما جاء فى الفتن و الملاحم و أشراط الساعة 1/3 - حمود التويجرى - دار الصميعى للنشر - الرياض

50 – الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدى المنتظر – حمود التويجرى – دار العليان الحديثة بريدة

51 – عقيدة أهل السنة و الأثر فى المهدى المنتظر – عبد المحسن بن حمد العباد – مطابع الرشيد المدينة المنورة

52 – الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة فى المهدى – عبد المحسن بن حمد العباد – مطابع الرشيد

53 – مختصر الأخبار المشاعة فى الفتن و الملاحم و المهدى و الساعة – عبد الله سليمان المشعلى – مطابع الرياض الرياض

54 – نبوءات نهاية العالم – صبرى أحمد موسى – دار البشير - القاهرة

55 – البعث و النشور - البيهقى / تحقيق / عامر أحمد حيدر – دار الكتب العلمية بيروت أو دار الفكر - بيروت

56 – اثبات عذاب القبر – البيهقى / تحقيق / شرف محمود – دار الفرقان - عمان - الاردن

57 – نظرة عابرة فى مزاعم من ينكر نزول عيسى قبل الآخرة – الكوثرى – المكتبة الأزهرية للتراث - القاهرة

58 – نزول الميسح آخر الزمان أو الاعلام فى نزول عيسى عليه السلام– السيوطى / تحقيق / محمد عبد القادر – دار الكتب العلمية بيروت أو المكتبة التوفيقية - القاهرة

59 – كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة – السيوطى / تحقيق / محمد كمال – مكتبة عالم الكتب القاهرة

60 – البدور السافرة فى أحوال الآخرة – السيوطى / تحقيق / محمد حسن اسماعيل – دار الكتب العلمية - بيروت أو مكتبة القرآن - القاهرة

61 – شرح الصدور بشرح حال الموتى و القبور – السيوطى – دار الكتب العلمية بيروت

62 – العرف الوردى فى أخبار المهدى – السيوطى – مطبوع ضمن كتاب الحاوى للفتاوى فى كثير من دور النشر

63 - اللقطات فى بعض ما ظهر للساعة من علامات – أبو بكر الجزائرى – مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة

64 – الأحاديث النبوية الشريفة فى أعاجيب المخترعات الحديثة – أبو بكر الجزائرى - مكتبة الكيات الأزهرية

65 – الاذاعة لما كان و ما يكون بين يدى الساعة – محمد صديق حسن القنوجى – مكتبة القرآن - القاهرة

66 – يقظة أولى الاعتبار مما ورد فى ذكر النار و أصحاب النار – محمد صديق حسن – دار الانصار القاهرة

67 – بيان أحوال الناس يوم القيامة – العز بن عبد السلام – دار الفكر - دمشق

68 – التخويف من النار و التعريف بحال أهل البوار – ابن رجب الحنبلى – دار الكتب العلمية بيروت

69 – المسيح الدجال حقيقة لا خيال – عبد اللطيف عاشور – مكتبة القرآن - القاهرة

70 – الموت و أحوال القيامة – أبو حامد الغزالى – تحقيق / عبد الحى الفرماوى – دار الاعتصام – و هو جزء من كتاب احياء علوم الدين للغزالى فى حوالى 300 صفحة

71 – عذاب القبر فى الميزان – عكاشة عبد المنان – دار الاعتصام

72 – سلسلة عمر أمة الاسلام و قرب ظهور المهدى 1/4 – أمين محمد جمال – المكتبة التوفيقية القاهرة

الجزء الأول – عمر أمة الاسلام و قرب ظهور المهدى

الجزء الثانى – القول المبين فى استقصاء الأشراط الصغرى ليوم الدين

الجزء الثالث – رد السهام عن كتاب عمر أمة الاسلام

الجزء الرابع – هرمجدون ، أخر بيان يا أمة الاسلام

 73 – جامع الأخبار و الأقوال فى المسيح الدجال – محمد عبد الرازق – شركة الأصدقاء للطباعة القاهرة

74 – القول الفصل فى المهدى المنتظر – عبد الله حجاج – دار العلوم للطباعة القاهرة

75 – المهدى المنتظر بين الحقيقة و الخرافة – عبد القادر أحمد عطا – دار العلوم للطباعة

76 – المهدى المنتظر فى الميزان – عبد المعطى عبد المقصود – دار نشر الثقافة - الاسكندرية

77 – سيد البشر يتحدث عن المهدى المنتظر – حامد محمود محمد – مطبعة المدنى القاهرة و جدة

78 – علامات القيامة الكبرى – عبد الله حجاج – مكتبة التراث الاسلامى

79 – المهدى قيادة و فكر و وعد حق - عبد الرحمن عيسى - دار الكتاب النفيس - حلب

80 – معركة آخر الزمان – ياسر حسين – دار الأمين

81 – أهوال القبور و ما بعد الموت – على الطنطاوى – دار البشير القاهرة

82 – وصف الجنة و وصف النار – وحيد عبد السلام بالى – دار الاعتصام - القاهرة

83 – الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف – السيوطى / تحقيق / جاسم مهلل – دار ذات السلاسل – الكويت

84 – القيامة رأى العين – محمد الصواف – دار الاعتصام

85 – أهوال القيامة – عبد الملك كليب – دار الاعتصام القاهرة

86 – أسرار الساعة – فهد السالم – مكتبة مدبولى الصغير القاهرة

87 – الأيام الأخيرة من عمر الزمن - عدنان طه - دار البيارق - عمان - الاردن

88 – الدار الآخرة – محمد متولى الشعراوى – مكتبة التراث الاسلامى القاهرة

89 – أشراط الساعة الصغرى و الكبرى – عز الدين الشيخ – دار الكتب العلمية - بيروت

90 – الطريق الهادى الى حقيقة المهدى - محمد أحمد على - مكتبة الرسالة الحديثة - عمان - الاردن 85

91 – أسباب السلامة من أهوال القيامة – طه العفيفى – دار الاعتصام

92 – أهوال القبور و أحوال أهلها الى النشور – ابن رجب الحنبلى / تحقيق / محمد السعيد – دار الكتب العلمية بيروت

93 – المهدى المنتظر بين العقيدة الدينية و المضمون السياسى - محمد فريد حجاب - المؤسسة الوطنية للكتاب - الجزائر 85

 94 – من عاش بعد الموت – ابن أبى الدنيا / تحقيق / على أحمد على – دار الكتب العلمية - بيروت

95 – ثلاثة ينتظرهم العالم المهدى ، الدجال ، المسيح - عبد اللطيف عاشور – مكتبة القرآن القاهرة

96 – أربعة ينتظرهم العالم المهد ى ، الدجال ، المسيح ، يأجوج و مأجوج– مجدى الشهاوى – المكتبة التوفيقية – القاهرة

97 – علامات الساعة دراسة تحليلية – رفاعى سرور – دار الفرقان للتراث – الاسكندرية

98 – اليوم الأخر فى القرآن و السنة – عبد المحسن بن زين المطيرى – دار البشائر الاسلامية – بيروت

99 – المنهج الشرعى فى مواجهة الفتن – مرفت بنت كامل – دار الوطن – الرياض

100 – المهدى المنتظر – منصور عبد الحكيم – المكتبة التوفيقية – القاهرة

101 – ترقبوا ظهور المسيح الدجال و المهدى عليه السلام - فائق محمد داود - دار الاسراء - عمان - الاردن

102 – المهدى و فقه أشراط الساعة – محمد بن أحمد بن اسماعيل المقدم – الدار العالمية للنشر – الأسكندرية ( و هو كتاب فى أكثر من 800 صفحة متضمنا كتاب المهدى حقيقة لا خرافة لنفس المؤلف و هو الكتاب رقم 34 )

103 – القناعة مما يحسن الاحاطة به من أشراط الساعة – السخاوى – تحقيق / مجدى السيد ابراهيم – مكتبة القرآن – القاهرة ، و له طبعة أخرى / تحقيق / محمد بن عبد الوهاب العقيل – دار أضواء السلف – الرياض

104 – الفتن – على حنبل بن اسحاق – دار البشائر الاسلامية – بيروت

105 - قصة النهاية و علامات الساعة الصغرى و الكبرى - عمارة محمد عمارة - دار ابن حزم - بيروت

106 - أشراط الساعة - عمارة محمد عمارة - دار اليقين - المنصورة

107 - الأهوال - ابن أبى الدنيا / تحقيق / مجدى فتحى السيد - دار اليقين - المنصورة

108 - صفة الجنة و ما أعد الله لأهلها من النعيم - ابن أبى الدنيا / تحقيق طارق الطنطاوى - مكتبة القرآن - القاهرة

109 - صفة النار و ما أعد الله لأهلها من العذاب - ابن أبى الدنيا - دار ابن عفان أو المكتبة الاسلامية - القاهرة

110 - من عاش بعد الموت - ابن أبى الدنيا / تحقيق/ مصطفى عاشور - مكتبة القرآن - القاهرة ، و طبعة أخرى / تحقيق/ أيمن عارف الدمشقى - مكتبة السنة - القاهرة

و أخرى / تحقيق/ على أحمد على - دار الكتب العلمية - بيروت

111 - المرشد المبدى فى فساد طعن ابن خلدون فى أحاديث المهدى - أبو الفضل الغمارى - مطبعة الترقى - دمشق

112 - اليوم الأخر - عبد القادر الرحباوى - دار السلام - القاهرة

113 - أشراط الساعة الكبرى و الصغرى - سعود حمد الصقرى - رسالة ماجستير جامعة الامام محمد بن سعود

114 - رفع عيسى عليه السلام و نزوله أخر الزمان - عبد العزيز بن أوراغ - رسالة ماجستير جامعة الامام

115 - أحاديث أشراط الساعة الكبرى - محمد بشار محمد - رسالة دكتوراه - جامعة بغداد

116 - تحقيق كتب الفتن و المهدى و الملاحم فى سنن أبى داود - مهدى عبد الرازق شاهين - رسالة ماجستير - جامعة صدام - العراق

 القسم الثانى – كتب للشيعة( مع التنبيه و الحذر عند قراءتها )

118 - عقيدة المسيح الدجال فى الأديان - سعيد أيوب - دار الهادى – بيروت

119 - ابتلاءات الأمم ...تأملات فى الطريق الى المسيح الدجال و المهدى المنتظر و نزول عيسى عليه السلام – سعيد أيوب – دار الهادى بيروت

120 - المهدى المتظر بين التصور و التصديق - حسن آل ياسين - دار و مكتبة الحياة - بيروت

121 - منقذ البشرية - ابراهيم الأمينى - دار الهادى - بيروت

122 - قصة المهدى الموعود - اعداد - جمعية المعارف - دار الهادى - بيروت

123 - الامام المهدى من الولادة الى الظهور - على محمد على - دار المرتضى - بيروت

124 - الامام المهدى عند أهل السنة 2/1 - مهدى الفقيه الايمانى - دار التعارف للمطبوعات - بيروت

125 - المهدى الموعود فى القرآن الكريم - محمد حسين - دار الهادى - بيروت

126 - المهدى المنتظر بقية الله الأعظم - مصطفى العاملى - دار الهادى - بيروت

127 - نهاية صراع الأديان بظهور المهدى أخر الزمان - محمد محمود المندلاوى - دار المحجة البيضاء - بيروت ( توزيع دار الهادى )

128 - المهدى المنتظر من ولد الحسن الى الامام الحسين - مهد الفتلاوى - دار المحجة البيضاء - بيروت ( دار الهادى )

129 - البيان فى أخبار صاحب الزمان - الكنجى / تحقيق / مهد الفتلاوى - دار المحجة البيضاء - بيروت ( دار الهادى )

130 - رايات الهدى و الضلال فى عصر الظهور - مهد الفتلاوى - دار المحجة البيضاء - بيروت ( دار الهادى )

131 - مع المهدى المنتظر - مهد الفتلاوى - توزيع دار الهادى - بيروت

132 - حياة أولى النهى المهدى المنتظر - محمد رضا الحكيمى - مؤسسة الأعلمى - بيروت

133 - بشارة الاسلام بظهور المهدى - مصطفى السيد حيدر - المطبعة الوطنية أو دار الكتاب الاسلامى - بيروت

134 - عصر الظهور - على الكورانى - مؤسسة الشهيد - بيروت

135 - المخلص بين الاسلام و المسيحية - باسم الهاشمى - دار المحجة البيضاء - بيروت (توزيع دار الهادى )

136 - المهدى المنتظر - محمد باقر الصدر - توزيع دار الهادى - بيروت

137 - المهدى المنتظر و معركة تحرير القدس - أحمد راسم النفيس - لا أعرف دار نشر

 القسم الثالث – كتب أصحابها ينكرون فكرة المهدى ( مع التنبيه و الحذر عند قراءتها( لماذا الحذر ؟؟؟؟

138 - لا مهدى ينتظر بعد الرسول سيد البشر – عبد الله بن زيد – مطابع على بن على - الدوحة

139 - المهدى المنتظر و من ينتظرونه – عبد الكريم الخطيب – دار الفكر العربى - القاهرة

140 - الساعة الخامسة و العشرون – كامل سعفان – دار الأمين للنشر – القاهرة

 القسم الرابع – كتب لم يتيسر لى أن أراها مطبوعة أو لا أعرف أنها طبعت

141 - المهدى و أخبار المهدى أو مناقب المهدى - أبو نعيم الأصفهانى

142 - المشرب الوردى فى مذهب المهدى أو رسالة فى حق المهدى - ملا على القارى

143 - فرائد فوائد الفكر فى المهدى المنتظر - مرعى بن يوسف الكرمى

144 - عقود الدرر فى تحقيق القول بالمهدى المنتظر- أحمد بن زينى دحلان

145 - الخطاب المليح فى تحقيق المهدى و المسيح - أشرف على التهانوى

146 - تحقيق النظر بأخبار المنتظر - محمد بن عبد العزيز المانع

147 - الجواب المقنع المحرر فى الرد على من طغى و تجبر بدعوى ان المهدى هو عيسى - محمد حبيب الله الشنقيطى

148 - اقتربت الساعة - أحمد عبد الرحمن

149 - التوضيح فى تواتر ما جاء فى المنتظر و الدجال و المسيح - الشوكانى

150 - الروع و الأوجال فى نبأ المسيح الدجال - الذهبى

151 - البيانات عن المهدى – أبو الأعلى المودودى

152 - الرد على من حكم و قضى أن المهدى الموعود جاء و مضى - المتقى الهندى - مخطوط فى مكتبة الحرم المكى

 تابع كتب للشيعة

153 - تاريخ الغيبة الصغرى - محمد صادق الصدر - منشورات مكتبة الرسول الأعظم - بيروت

154 - تاريخ الغيبة الكبرى - محمد صادق الصدر - دار التعارف للمطبوعات - بيروت

155 - الحضارة فى عهد الامام المهدى - عباس السيد كاظم - مؤسسة الأعلمى - بيروت

156 - فى انتظار الامام - عبد الهادى الفضلى - دار الزهراء للنشر - بيروت

157 - الملاحم و الفتن فى عصر ظهور الغائب المنتظر - على بن موسى بن جعفر - المطبعة الحيدرية فى النجف الأشرف

158 - الزام الناصب فى اثبات الحجة للغائب - على اليزدى الحائرى مؤسسة الأعلمى - بيروت

159 - المهدى الموعود المنتظر عند علماء السنة و الشيعة - نجم الدين جعفر العسكرى - دار الزهراء للنشر - بيروت

160 - المهدى فى القرآن - صادق الحسينى - دار الصادق - بيروت

161 - اقرأ حول الامام المهدى - مهدى حسن علاء الدين - مركز بقية الله الأعظم للدراسات - بيروت

162 - كتاب الغيبة - محمد حسن الطوسى - لا أعرف دار نشره

 

(4) اولاً:  كذب المنجمون ولو صدقوا

 

ثانيا: الغيب ونهاية البشريه لايعلمها إلا الله

ثالثا: بالنهايه قل العلم عند الله

هي بداية النهايه في نبؤات الأديان !!

 

http://www.klamalnas.com/vb/t97322.html

 

 

كثرة المواضيع و الحلقات و الاخبار عن انباء تغيير العالم او نهاية العالم فى 2012 هذه الفكرة بدأت من تنجيمات شعب المايا وفي الحقيقة هى ليست تنجيمات المشعوذين بل استنتاجات رياضية وضعت بعد مراقبة طويلة , و هذه الحضارة معروفة عن علومهم فى مجال الفلك,والمايا قبائل هندية أسست حضارة مدنية بلغت أوج تألقها في قرنها.

 المذهل أن علماء الفلك لديهم حسابات دقيقة في علم الفلك حتى أنهم يقومون بتحديد موعد الخسوف والكسوف بالساعة وبالدقيقة،ولكن هذه المرة لديهم حسابات قد تجعل الناس في ذهول وحيرة من آمرهم وهو تاريخ ديسمبر 21 فى السنة 2012 سوف يكون نهاية العالم أوتغيير جذرى للعالم . أما المايا فليست الوحيدة التى اعدت جول بانتهاء العالم أو تغيير في العالم فهناك جماعات وثقافات عالمية كثيرة تشترك مع المايا في أهمية ما سيحدث في هذا العام 2012 ،

 - الصين عندهم تنبؤ سيستمر حتى نهاية العالم, الذى يوافق 2012

- المنجم المعروف الفرنسى نستردامس, تنباْ بشئ فى هذا الموضوع

- في اليابان (عام 1980) حين أعلن عالم الرياضيات هايدو ايتاكاوا أن كواكب المجموعة الشمسية ستنتظم في خط واحد خلف الشمس, وهذة الظاهرة بتكون فى 2012

- المسيحية حسب ترجمتهم تنبؤاة الرسول دانيال , سوف يكون فيها ظهور المهدى او نهاية العالم.

- ناسا الفضائية تتوقع بتغيير فى حلقات الشمس 2012

- ظهور برج الثالث عشر من المتعارف علية فى الاصل الاثنى عشر ( السرطان, الجدى...الخ

- البرت انشتاين قال, اذا انقرض النحل, البشر لديهم 4 سنوات قبل الانقراض. و الظاهر فى عصرنا هذا الانقراض بين النحل حقيقة.

- الكنيسة فى روما عندهم تنبؤ غريب من قسيس اسمه مالكى, اذ اعتقادهم ان العالم سوف ينتهى بعد 112 قسيس "بابا" , اليوم بيندكت هو البابا 111

- الارض كل 26000 سنة تمر بمرحلة تغيير

و غيرهم من استنتاجات مختلفة حول هذه السنة.

بعد مشاهدة برنامج فى قناة ال History عن 2012 و كان العرض جميل و محايد , كان هناك فريقين مع و ضد هذه الظاهرة لكن الاتفاق اجمع على ان هناك سوف يكون تغيير ملاحظ فى الارض و النجوم, لكن لا يستطيع احد ان يحدد او يجزم ان يكون هناك تغيير سئ او تغيير طيب.

النظرة الكارثية لعام 2012 يمكن ملاحظتها حتى بين أتباع الديانات السماوية الثلاث ؛ ففي حين يؤمن شعب المايا بأن البشر يخلقون ويفنون في دورات تساوي خمسة آلاف عام؛ نجد توافقا بين هذا الاعتقاد وما جاء في التوراة حول خلق الانسان وبقائه على الأرض لخمسة آلاف سنة (ينتهي آخرها عام 2012 ) .

وهذا الاعتقاد يتوافق بالتبعية مع كثير من النبوءات المسيحية التي اعتمدت على ما جاء في التوراة أو العهد القديم .. فمعظم المسيحيين مثلا يؤمنون مثلنا بظهور «المهدي» في آخر الزمان . ويرى كثير منهم أن ظهوره سيكون عام 2012 اعتمادا على تحديد دانيال في الانجيل .. وهناك قس مشهور يدعى إدجار كايسي (سبق وأن تنبأ بانهيار البورصة الامريكية عام 1929 ) ادعى أن نزول المسيح سيكون بعد 58 عاما من وفاته وأن العالم سينتهي حينها بزلازل وحرائق تشتعل في نفس الوقت (عام 2012) !!

… أما الشيخ أمين جمال الدين فيقول في كتاب (عمر أمة الاسلام وقرب ظهور المهدي عليه السلام) : وأنا أميل إلى القول الاول بأن سنة 2012هي النهاية وليست بداية النهاية لدولة إسرائيل؛ فبداية النهاية لدولة إسرائيل ستكون على يدي المهدي ومن معه ، ثم تكون النهاية لرجسة الخراب على يدي عيسى عليه السلام والمؤمنين معه . والفرق الزمني بين اعتبار سنة 2012 هي النهاية او بداية النهاية هي فترة حياة المهدي وهي سبع او ثماني سنين كما جاء في الأثر الصحيح (انتهى) ..

 وشبيه لهذا الكلام نجده في كتاب الشيخ سفر الحوالي (يوم الغضب) حيث جاء بالنص:

 بقي السؤال الأخير والصعب : متى يحل يوم الغضب ومتى يدمر الله رجسة الخراب ومتى تفك قيود القدس؟؟ . إن كان تحديد دانيال صحيحا بأن الفترة بين الكرب والفرج هي 45عاماً فنقول ان قيام دولة الرجس كان 1967وبالتالي ستكون النهاية أو بداية النهاية سنة 1967 +54 = 2012 .

 نوستراداموس (مستشار الملك شارل التاسع) ادعى أن كواكب المجموعة الشمسية ستضطرب بنهاية الألفية الثانية وتسبب دمار الحياة بعد حلولها ب 12عاماً فقط . وهذه النبوءة ظهرت مجددا في اليابان (عام 1980) حين أعلن عالم الرياضيات هايدو ايتاكاوا أن كواكب المجموعة الشمسية ستنتظم في خط واحد خلف الشمس – وأن هذه الظاهرة الفريدة ستصاحب بوقائع مناخية وخيمة قد تنهي الحياة على سطح الأرض في أغسطس 2012 !! أتساءل عن سر الإجماع على كارثية 2012 وسبب اختياره من قبل ثقافات وشعوب لا تعرف بعضها البعض !!

والله اعلم

منقول!!!!

**********************

وانا اقول لا يعلم الغيب الا عالم الغيب سبحانه

اللهم اني اسألك اللطف بعبادك يا رحمن يا رحيم

استغفر الله ربي واتوب اليه

والله اعلم

 

 

(5) عقيدة المهدي المنتظر لدى العراقيين القدماء

 

 

http://www.free-pens.org/index.php?show=news&action=article&id=824

تموز وعشتار. ان العراقيين أول من أوجد فكرة المخلص المنتظر، حيث ظلوا ينتظرون مطلع كل ربيع عودة الاله (تموز) من عالم الموت، ليخصب عشتار ويجلب لهم الربيع والحياة في سومر نشأت فكرة المخلص وتطورت من جيل الى جيل لتصبح المهدي المنتظر.

 يقول البعض أن فكرة المهدي المنتظر لم تكن مبنية على عقيدة ولا أدلة علمية، إنما إختلقها بعض الرجال المنتفعين وتسربت إلى الأجيال اللاحقة، وهذه النظرية لا علاقة لها بالإسلام أو التشيع إنما نشأت لاحقا وبعد وفاة الحسن العسكري وهناك مؤشرات إلى دور السلطات العباسية في إختلاق هذه الأسطورة لتخدير الشيعة.

 وسأحاول هنا اثبات أن هذا القول مغلوط كليا، فعقيدة المهدي قائمة منذ التاريخ الأول. وأول من نادى بها وثبتها هم السومريون ومهديهم المخلص هو إيليا ثم من بعده حفيده الإله دو مو سين (تموز) وهو أيضا مخلص العراقيين (الآشوريين والبابليين والأكديين)، سوى أنه يظهر مرة بإسم إيل وأخرى بإسم بعل،،الخ. والسينيون (اليزيديون) وهم الديانة الباقية من ذلك الزمن السومري السحيق لازالوا يؤمنون بهذا المخلص ويتنظروه وإن بإسم (خضر الياس). والمنداء(الصابئة) الديانة الثانية بالقدم بعد السينيين(وهي نشأت في منتصف الألف الثالثة ق . م) تؤمن بمهدي منتظر وهو السيد سيتيل(الإله سيت) وهو شيت إبن آدم وغالبا ما يرد إسمه بصفته العينية(عاذيمون) التي تعني إبن الإله. ومخلص اليهود حسب آخر سفر في العهد القديم (سفر ملاخي) هو إيليا،الذي ينتظروه إلى اليوم.ومخلص المسيحيين هو المسيح ذاته،وهو عينه مخلص الإسلام السني (حيث ينتظرون ظهوره بصحبة الأعور الدجال) ، بينما مخلص الإسلام الشيعي هو الإمام الثاني عشر الحسن العسكري .

 ومن هنا، فعقيدة المهدي المخلص هي عقيدة لازمت التدين العراقي منذ بواكيره.أو منذ سبعة ألاف عام على الأقل.وهي إحدى المسلمات الرئيسية التي يمثل نقضها نقض الإيمان ذاته،لكل الديانات السماوية تقريبا . وللمتابع حرية الخيار أما أن يصدق مسلمات هذه الديانات وإجماعها على المهدي المخلص،أو يكذبها .

 المهدي رافق المخيلة العراقية منذ وعيها الأول.وقد ظهر بأسماء عديدة منها:يس، ياسين، سِث، شيت، زوس، دوموزي، عجل، سنبل،هلال،عاذيمون،أمانوئيل،مار جي يس (جرجيس)،مقه،خضر، إله الظلام..الخ. أما متى نحتاجه،أو متى نتوقع ظهوره،فهذا برسم الغيب. لكننا،ومن مراجعة التاريخ عموما نشخص حالتين،يبرز فيهما الحديث عن المهدي أو لنقلها بصورة أعم المبعوث المخلص .

 اللحظة الأولى : هي لحظة ولادة منظور فلسفي ومن ثم حضاري جديد.وفي هذا المساق يقع الرسول محمد والمسيح. سوى أن كفة المسيح المخلصية تعلو على كفته الرسالية، لسبب واحد، وهو أنه قتل (ألغي من الوجود المحسوس) ضحية رسالته. ونحن السوريون وخصوصا شعب شنعار، عادة ما ننتصر إلى الضحية الطيبة أكثر منا للقائد الطيب. فرسالة محمد أكثر تفصيلا في محتواها الإجتماعي. لكن ولكون الرسول نجح، فلا مجال للحزن عليه، أو الرثاء لحالته كما حدث مع المسيح .

 اللحظة الثانية : هي لحظة إنتكاس الحضارة.وهنا فلابد ويبرز من يحاول إعادتها إلى سابق مجدها. وإنتكاس الحضارة ليس بالأمر الهيّن . لذا، فمن يأخذ على عاتقه محاولة إنهاضها فقد وضع روحه على أكفّه . وهو قد ينجح ويبقى على قيد الحياة؛ فيكون وضعه كوضع الرسول محمد( ص ) . وقد يقتل دون مسعاه ، فسيخلد كمحلص من نوع المسيح حتى وإن نجح مسعاه على يد تابعية بعد حين .

 وعلى خلفية هاتين اللحظتين، ظهر مخلصو العراق: نابونيد وحزقيال وجوديا وسرجون العظيم،،الخ .

لكن تاريخ العراق تحدث عن مخلصين تميزا بقصة فائقة الغرابة. وقصتهما أما لا علاقة لها بإنهيار الحضارة أو قيام حضارة جديدة. أو لها علاقة، لكنها تحدثت عن معايير حضارية سابقة لم نفهمها كليا بعد.

 وهذين المخلصين هما الإلهين السومريين ( إيليا ) و ( سين ) .

 والرمز الكوني لكلا هذين الإلهين هو كوكب القمر. والإله إيليا ورد أول الأمر في الرقيمات الطينية بإسم( لو لو )الذي يعني : الإله الذي ذبح، الإنسان الأوّل، الضعيف. ثم تسهل أكديا لينطق على شكل: ( وي لاه) والذي يذكر المنظور الأكدي أن ذبح فخلط دمه ولحمه مع الطين ليصنع منه الإنسان الحالي (متون سومر ص 86 و160 وغيره من كتب التراث) ثم تسهل لفظياً أيضا فأصبح ينطق بشكل( ئيل يا) أو( إيليا) و(عليان) و( امانو ئيل) . وعمانوئيل هو بالمناسبة إسم السيد المسيح ويعني(إستجب يا إيل) بينما إيليا هو الإسم الصحيح للإمام علي ( ع ) .

 و قد أسر الإله إيليا في منطقة الآبسو (الأهوار) بعد حرب مع جيوش الأم تعامة التي أحدثت فتنة بين الآلهة، ثم أقتيد إلى بابل وذبح بقرار من الآلهة، ليصنع منه الإنسان الذي سيتحمل عن الآلة عبء العمل والعناء. وهكذا ذُبح إيليا ونتيجة إستقامت حياة الآلهة حيث من دمه صنع الإنسان الذي خلصها من العمل والكدح. لكن الآلهة سرعان ما ندمت على قتله، لذا بكته كثيرا وتأسفت معتبرة إياه ذهب مغدورا.

 هل كانت قصة (وي لاه) حقيقية وفاجعية بهذا الشكل؟ أم هي حادثة عابرة تفخمت مع الزمن؟ أو هي حادثة من الخيال؟ كل هذا لا يهم، أزاء قوة حبكها وشدة إستثارتها لأحزان شنعار وآرام على مر العصور. حتى لقد صار إسم الإله (وي لاه!) صرخة للتوجع والوجد والحزن، ولازمة تبدأ بها المناعي والأغاني على السواء في شنعار وآرام .

 ومعلوم أن الحزن هو أحد المكانين المجهولة التي لابد للنفس البشرية أن تستنهضها دوريا لتستقيم طبيعتها. وربما لهذا السبب نحن بحاجة أحيانا إلى ما يثير أحزاننا في اليقظة، وإلا فسنستدع الحزن في الحلم لنبكي. ونحن نستطرب الأغاني الحزينة أكثر من الراقصة. وربما كان الآلهة السورية على طبيعة مخلوقيهم. أي هم مثلنا وأيضا بحاجة إلى الحزن. لذا جعلوا إيليا رمزا لهذا الحزن، أو إنهم حقا إكتشفوا مظلوميته، لذا بكوه وفي كل مرة يبكون يتصارخون بأحد أسمائه ( وي لاه، يا ويل، يا ئيل ) وكأنهم يطلبون عفوه أو يستنجدوه أن يرفع عنهم عذاب الشعور بالذنب تجاهه. أو كأنهم يرجوه أن يعود إلى الحياة لينصروه، أو يعذرهم،أو ينقذهم (يخلصهم) من عذاب النفس الذي يعانوه جراء جريرتهم بحقه. والعزيز المظلوم لا يُنسى. وذو الجريرة الظالم الشاعر بجريرته، يتمنّى لو عاد المظلوم إلى الحياة ثانية لينصفه أو يفديه ولو بنفسه. و يتراكم الزمن، فيتحول تمنّي عودة المظلوم إلى رجاء تتوق النفس الظالمة للخلاص به. فيندب المظلوم ليظهر ويأتي معه الخلاص .  

لذا شبه العراقيون إيليا بنسغ النبات الذي يسري في العروق صاعدا إلى الأوراق، كما شبّهوه أيضا بحبة الحنطة عند بذارها حيث تخرج من الأرض ثم تنمو ثم تصفر وتموت ثم تبذر من جديد، أي الدورة ما بين العالم الأسفل المحجوب و عالم النمو المعلوم. وشبّهوه بالإله آبو إله النبات عموما حيث تنبت وتموت و تنبت. و بالثور الذي يذهب صباحا إلى المرعى ويعود مساءً إلى مأواه، و بالدورة ما بين الأرض و ما خلفها من المجهول و عالم السماء النيّر المعلوم، تلك الدورة التي يمثلها القمر و غيره من الكواكب. أي صار المظلوم المغدور علة غادره، و مخلصه من عذاب جريرته. و بالمحصلة النهائية صار للمخلوق إمكانية للخلاص .

 الندبة تستمر، و تستمر، إنتظارا لذلك العود و الخلاص. فتتعدد أشكالها ومضامينها،حتى أصبحنا نرى هذه الندبة تظهر كإشارة لعذاب النفس ولازمة للتوجع (يا ويلي!) و الشعر و معينا على الشدائد بندبة الشنعاريون الجنوبيون بالكلمة (يا علي!).

 لكن الغريب في فاجعة الإله إيليا، أنها تتجدد بين الحين و الآخر أما عينيا بأشخاص حقيقيين عاشوا في شنعار و ماتوا لأجله، أو أسطورياً حين يستبد اليأس، و لابد من الحزن فيستذكرون قصة إيليا و يبكون و يستغيثون، عسى و لعل الحال تتغير.

 و حسب التراث العراقي الأسطوري فالشخص الثاني الذي جرى عليه ما جرى على إيليا، هو إبنه أو حفيده الإله سين أو كما تعودنا على تسميته: الإله تموز (دو مو سين) التي تعني الإله الإبن سين. و قد طغت فاجعة الإله سين على فاجعة ايليا. ولهذا بكاه الشنعاريون قرونا و قرونا، حتى أيام النبي حزقيال (القرن السادس ق . م) حين ذكر في الإصحاح الثامن من سفره، أن : (ووجدت نساءً يبكين على تموز). لكن التجسيد الأكبر في قصة الإله المخلص حدثت في القرن السابع الميلادي. وحين أقول تجسيد فهذا إيمان شخصي مني. وللقارئ الكريم أن يستخدم أي توصيف آخر. أو ليقل أنه ليس تجسيد وإنما حدث مصادفة .

 ففي العام 658م، جاء إلى كوثى (الكوفة) الإمام إيلي بن أبي طالب فغدِرَ به و قتل. و قد لا أجزم بسبب هجره لموطنه مكة والمدينة و توجهه إلى كوثى. هل هو حقا إفتراض كثرة الناصر و المعين في العراق، و هو المعروف بالحصافة و الفراسة و بما يكفي لمطالعة محيطه، أم إنه سار دون علمه يدفعه قدره، الذي هو قدر إيليل المخلص الأول. المهم إنه جاء إثر فتنة كبرى لم تكن المرأة بمعزل عنها. و بالمناسبة فأبو بكر إستهدف فتنة الردة و خلص الإسلام منها ونجح، بينما الإمام علي إستهدف الفتنة الكبرى لكن إستشهد. ونحن نخلد أبا بكر كقائد بينما الإمام علي كمخلص .

 و في هذا التجسيد أو التكرار نجد تطابق الإسمين الإله المخلص إيليا والإمام المخلص إيليا. ونجد أن الفتنة التي قتلت الأول جاءت من تعامة ، والفتنة التي أودت بحياة الإمام إيليا سببتها العامّة، التي قتلت الخليفة عثمان.

 و إيليا الإله وإيليا الإمام ليسا أبناء بابل، لإنما ساقهما قدرهما إليها. لكن هذا التجسيد أو التكرار، يبقى أقل حرفية من تجسيد فاجعة الإله المخلص سين في فاجعة الإمام الذي نشد الخلاص لأمته، الحسين.

 و لا مراء في الإختلاف بين معنى إسم إله سين ومعنى إسم الحسين، حيث الأول هو إسم القمر، بينما الثاني من الحُسن والقمر مثال الحسن أيضا. لكن الصدفة جمعت بين اللفظين بحيث جعلت نطقهما يكاد يكون واحدا، خصوصا في لسان شنعار - مسرح فاجعتهما. فالتقارب بين (إله سين ) و(الحسين) في لهجات شنعار هو كالتقارب بين الإسمين الأهواز والأحواز، حيث تتبادل الهاء والحاء النطق دائما. وسين هو إبن أو حفيد الإله إيليا. والحسين هو إبن الإمام إيليا.

 والإله سين هو أول من حمل هذا الإسم بين الآلهة الشنعارية، وفيما بعد تولدت أسماء من إضافة إسم أو صفة إلى إسمه. موسين، سينياء الخ.

 و لم يطلق إسم الحسين على أحد من العرب قبل إبن الإمام علي ( ع ) . ومن أطلقه عليه هو شخص لا يشك أحد بنبوءته ألا وهو الرسول محمّد ( ص ) . فكأن النبيّ أُلهم بالإسم الغريب على جزيرة العرب وقتها، وأطلقه على حفيده، كمقدمة إخبارية لكون هذا الحفيد، هو النسخة الثانية (أو البشرية) من إله سين. وإله سين وهو سليل آلهة، لو شاء لإعتزل شؤون الدنيا، وجاءه المجد والغنى وهو في مقرّه. والحسين سليل إمامة ونبوّة، لو شاء لإعتزل شؤون الدنيا والسياسة وأتاه المجد والغنى وهو في بيته .

 وقد إختارت آلهة شنعار الإله سين وإستدعته لينقذ عشتار من ورطتها وهي في العالم الأسفل، فذهب ضحية ذلك الإنقاذ. والحسين إستدعاه ذات الشعب الشنعاري، لإنقاذ الأمة من بقية الفتنة، فراح ضحية رسالته .

 وقبل رحيله إلى مكان قتله رأى الإله سين حلما بأن الآلهة تدعوه أن يقدم إليها على عجل، وقص الحلم على أخته الإلهة كشتنينا التي تكنّى أحيانا بالإسم (بي ليلى ) الذي يعني: الحزينة. والحسين أيضا وقبل رحيله إلى كربلاتو رأى حلما بأن جده رسول الله يناديه بالقول: ( العجلة العجلة يا حسين! ) فقص الحلم على أخته زينب، التي تلقب وإلى اليوم بالحزينة. ناهيك عن عدم غرابة الإسم ليلي عن الحسين حيث هو إسم أحدى زوجاته .

 والحزينة أخت سين، فسرت الحلم وقالت له إنك مقتول، ومع ذلك شجعته على الرحيل، لأنه قدره الذي لن يفلت منه. وزينب أيضا فسرت الحلم وقالت لأخيها إنك مقتول، ومع ذلك شجعته على الرحيل إلى قدر أراده له الله .

 وقد جاء الإله سين إلى بابل في شهر سين (تموز) و إعتقلته عفاريت الشر ومنعت عنه الأكل والشرب حتّى مقتله بعد ايام. ومقتله كان في شهر سين (تموز) وفي يوم سين (الإثنين) وفي بابل.

 (ويوم الإثنين يعني يوم القمر ومنه جاء الإسم موندي). وهو المصير ذاته الذي لاقاه الحسين، الذي قتل ممنوعا من الماء و الزاد و في شهر تموز و في يوم الإثنين، و في كربلاتو التي يعني إسمها (ضاحية بابل الجنوبية).

 و عشتار حين أدركت خذلانها لسين و توريطها له، بكت وصرخت نادبة: ( ويلاه ويلاه! ويلي عليك يا ولدي وأخي سين! لقد إختلط دمك بالتراب و عفر وجهك الأرض، يا فتيات! مزّقن جيوبكن و ألطمن صدوركن، لقد قتل الفتى سين، يا فتى يا سين! يا فتى يا سين!) - (فراس السواح لغز عشتار وغيره)

 وبقيت صرختها حتى زمن النبي حزقيال (ق7 ق.م). وهي العبارات ذاتها نصا و روحا التي يرددها الشنعاريون حتى اليوم و منذ شعورهم بجريرة خذلانهم للحسين ( ع ) .

 و قد نعي إله سين لأكثر من أربعة ألاف عام، أو هو أكثر شخص نعي في تاريخ شنعار القديم. وها هو الحسين ينعى منذ 1400سنة، و لازال .

 و حين لا نجزم بشخصانية الإلهين إيليل وسين، فنحن أمام حالة ترافق التاريخ البشري و هي ظهور مخلصين حقيقيين بين الفينة و الفينة. أو تكرار تجسيد حالة المخلص الإله إيليا على البشر.

 فمن يجزم بأن هذا التكرار إنتهى؟ ومن يجزم أن لا يأتي مخلص أيا كان، ليجسد شخصانية الإله إيليا ؟

 وهذا التجسيد الشبه تام ما بين سين والحسين، هل هو مصادفة عابرة أم به سر نجهله ؟!

 والتجسيد الشبه تام ما بين إيليا الإله وإيليا الإمام، تبعه ، تجسيد أكثر كمالا بين الإله سين (إبن إيليا الإله) والحسين (إبن إيليا الإمام). ولم يبق على أن يكون التجسيد تاما كاملا كل الكمال، إلا أن يأتي شخص من مثل الحسين ولكن يمؤهل (اللاموت) أي إنه يحمل مؤهل التغلب على التلف العضوي .

 و حين يظهر شخص لم يمت، أو هو مات وسيعود يبعث، وله ذات الصفات التي في الحسين، عندها سيكون سين قد بعث من جديد.

 أما أن يكون هذا الشخص هو أحد أحفاد الحسين أو غيره، فهذا ما لا علاقة لنا به .

 

 

(6)  التيار السلوكيي المهدوي

 

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين


هذا الموضوع مما نقله الاخ (عماد حسن) في منتديات عديدة بحسب قوله (هنا)
وقد ادرج في منتديات يا حسين (هنا) اوائل العام 2008 واعتقد أن أحداث الزركة وقاضي السماء الكرعاوي كانت قد انتهت بمقتله وجماعته حينئذ.
ونقله (عماد حسن) الموضوع في منتديات انصار الحجة (هنا)
واعاد نشره شخص آخر في شبكة الوحدة (هنا) نقلا عن موقع براثا كما كتب، ولم نجده.
ولم نجد له موضع آخر ولعله انتهت صلاحية نشره بانتهاء صلاحيات تلك المنتديات التي تم النشر فيها كالمعتاد.
وقام مدير موقع مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام بنشر المقال (هنا) ناقصا، تحت عنوان الحركات السلوكية من ملفات الاوراق السرية.
على أي حال
الملاحظ للمقال انه لم ينجح الناقل ومن نقل عنه بعرضه فأتى متداخل الهوامش مع المتن ومضطرب التنسيق.
ونعيد نقل المقال ونشره بعد تنسيقه وبعد تصحيح الآيات والروايات التي وقع فيها النقل غير النصي وبالمعنى واشرنا الى مصدرها في الهوامش، مع أن المأمول في هكذا ابحاث على الرغم من تنويه الناقل بداية البحث لكن زيادة وانقاص الكلمات في الروايات ليس امرا محمودا خصوصا وحينما يكتب (قال النبي او الامام)، وقمت بتصحيح بعض العبارات وتغيير اخرى ليكون المقال ملائما للعرض، فاقتضى إلفات النظر.. 
كما أن المقال سوف يتعرض الى الصوفية بتفصيل، ونسجل هنا تنويها على ان المراد بالصوفية وما نعتقد به هم غير علمائنا الربانيين وفقهاء اهل البيت عليهم السلام، لكي نقطع منذ البداية تقولات المتخرصين والمتصيدين بالماء العكر، ومن يحاولون خلط الحابل بالنابل خدمة للاهواء والاتباع.. والمدقق في المقال يستطيع التمييز لو يترك لوحده دون مشاركات المغرضين..
اليكم المقال

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين


هذا الموضوع مما نقله الاخ (عماد حسن) في منتديات عديدة بحسب قوله (هنا)
وقد ادرج في منتديات يا حسين (هنا) اوائل العام 2008 واعتقد أن أحداث الزركة وقاضي السماء الكرعاوي كانت قد انتهت بمقتله وجماعته حينئذ.
ونقله (عماد حسن) الموضوع في منتديات انصار الحجة (هنا)
واعاد نشره شخص آخر في شبكة الوحدة (هنا) نقلا عن موقع براثا كما كتب، ولم نجده.
ولم نجد له موضع آخر ولعله انتهت صلاحية نشره بانتهاء صلاحيات تلك المنتديات التي تم النشر فيها كالمعتاد.
وقام مدير موقع مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام بنشر المقال (هنا) ناقصا، تحت عنوان الحركات السلوكية من ملفات الاوراق السرية.
على أي حال
الملاحظ للمقال انه لم ينجح الناقل ومن نقل عنه بعرضه فأتى متداخل الهوامش مع المتن ومضطرب التنسيق.
ونعيد نقل المقال ونشره بعد تنسيقه وبعد تصحيح الآيات والروايات التي وقع فيها النقل غير النصي وبالمعنى واشرنا الى مصدرها في الهوامش، مع أن المأمول في هكذا ابحاث على الرغم من تنويه الناقل بداية البحث لكن زيادة وانقاص الكلمات في الروايات ليس امرا محمودا خصوصا وحينما يكتب (قال النبي او الامام)، وقمت بتصحيح بعض العبارات وتغيير اخرى ليكون المقال ملائما للعرض، فاقتضى إلفات النظر.. 
كما أن المقال سوف يتعرض الى الصوفية بتفصيل، ونسجل هنا تنويها على ان المراد بالصوفية وما نعتقد به هم غير علمائنا الربانيين وفقهاء اهل البيت عليهم السلام، لكي نقطع منذ البداية تقولات المتخرصين والمتصيدين بالماء العكر، ومن يحاولون خلط الحابل بالنابل خدمة للاهواء والاتباع.. والمدقق في المقال يستطيع التمييز لو يترك لوحده دون مشاركات المغرضين..
اليكم المقال

تمهيد

المهدوية [1] عقيدة أسلامية راسخة رغم اختلاف مدارس المسلمين في فهمها والتعامل معها، بين مؤمن بالمفهوم (السنّة) ومؤمن بمصداق معين (الشّيعة)، إلاّ أن هذه الفكرة كانت توظّف دائما بالاتجاه الخطأ، وهو ما تجلى بعد سقوط النظام الصدامي في هذه (الهبَّة المهدوية المشبوهة).

هامش
------------------------
1 - 
المهدوية: صفه لكل من ادعى انه (المهدي) المبشّر به من قبل النبي صلى الله عليه وآله والذي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وكذلك كل من ادعى السفارة عن الإمام المهدي، او القرابة منه، وباي شكل كان، وبصوره اعم كل الحركات والفرق التي تدّعى تمثيلها للمهدي أو أنها مقدمة لظهوره.


لقد تكررت دعوات المهدوية في التاريخ الإسلامي.. حتى تجاوزت العشرات وتدلنا هذه الظاهرة على تماهي مصطلح (الإمام المهدي) مع معنى الثورة والحرية والعدالة، وانبثاقه كردة فعل على الواقع الفاسد الذي كان يتدهور إليه المجتمع الإسلامي، وهي تستفيد من الروايات المتواترة بظهور مهدي آخِر الزمان ففي كل مره يتصور الناس إن زمانهم هذا هو آخر الزمان وان زعيمهم أو شهيدهم هو المهدي المنتظر وهكذا دواليك، فهذه الفكرة تمثل الخلاص للمحرومين، وهي مناسبة لحشد التأييد الشعبي لأي ثائر يرفع هذا الشعار، وتقوم بإضفاء نوع من القداسة على ثورته.
لقد كانت معظم قصص المهدوية في القرون الإسلامية الأولى، مرتبطة ومنبثقة من حركات سياسية ثورية تتصدى لرفع الظلم والاضطهاد وتلتف حول زعيم من الزعماء وعادة ما يكون من أهل البيت عليهم السلام وعندما تفشل الحركة ويموت زعيمها قبل أن ينتصر، أو يقتل في المعركة، أو يختفي في ظروف غامضة، كان أصحابه يختلفون، فمنهم من يسلم بالأمر الواقع، ومنهم من يرفض التسليم والاعتراف بالهزيمة، ويسارع لتصديق الإشاعات التي تتحدث عن هروب الإمام الثائر أو اختفائه وغيبته، وعادة ما يكون هؤلاء من بسطاء الناس الذين يعلقون آمالا كبيرة على شخص أو يضخّمون مواصفات ذلك الزعيم، فيصعب عليهم التراجع؛ لأنه سيعني لديهم الانهيار والانسحاق النفسي.
إن التاريخ الشيعي ليضج بالثورات والحركات المهدوية، منذ الصدر الأول للإسلام وحتى يومنا هذا، وكذلك فأن هناك عدد من الحركات (السنّية) قد رفعت شعار المهدوية من أمثال:
1
ـ مهدوية (المهدي بن تومرت) مؤسس دولة الموحدين في المغرب العربي.
2
ـ مهدوية (محمد بن عبد الله السنوسي) ـ قائد الحركة السنوسية في ليبيا.
3
ـ مهدوية (محمد احمد المهدي) (مهدي السودان).

إن الحركات المهدوية موضوع قديم جديد، قديم في جذوره وامتداداته السابقة وجديد في تمظهراته الحالية، وهي وان تلفّعت بالدين، ورفعت الشعارات البرّاقة إلاّ أنّها وكما أثبتت التجارب التاريخية المعاصرة تعتبر من اشد الأعداء للدين والوطن، وأحد أهم المعاول التي يوظفها الأعداء للنيل من الدين والوطن، فتاريخ هذه الفرق مرتبط دائما بالغلو[1] العقائدي والتحجّر الفكري والتكفير[2] والجهل وإلغاء الآخر، وهي كذلك وعلى طول الخط فرصة للدوائر الاستعماريةالحاقدة على الأمة وعقيدتها وأمنها وازدهارها. 

هامش
--------------------
1
ـ الغلو: وهو موقف مبالغ فيه يقفه إنسان من قضية عامة أو خاصة بشكل متطرف تتجاوز حدود المألوف والمعقول.
لغة: هو مجاوزة الحد والافراط في الشيء.
اصطلاحاً: هي الجماعات التي غلت في الإمام علي وأبنائه عليهم السلام من بعده، وهناك من غلا في غيرهم."راجع الملحق ـ 1ـ [سيأتي لاحقا]"

2
ـ التكفير: مصطلح اشتق من الكفر، والكفر في اللغة: بمعنى الستر والتغطية، ومنه سمي الكفر ـ الذي هو ضد الإيمان ـ كفراً لان فيه تغطية للحق، بجحد أو غيره، وسمى الكافر كافراً لأنه قد غطى قلبه بالكفر… أمّا في الاصطلاح : ـ فهو اتهام جماعة أو طائفة بالفسق والضلال والخروج من الدين مما يجردهم من حقوقهم الإنسانية ويعرضهم للاهانة أو القتل أو الطرد من المجتمع.

التكفير والخوارج: إن أصل ظاهرة التكفير هم الخوراج، وهي الفئة التي خرجت على الإمام علي عليه السلام بعد أن كانت تحارب معه في صفين، فهم وبعد أن خدعوا بخديعة رفع المصاحف، ورفضوا الاستمرار بالقتال، عادوا ليرفعوا شعار (لا حكم إلاّ لله) بعد رفضهم لنتائج التحكيم، (فقد اجبروا الإمام علي عليه السلام على قبول التحكيم وحين تم ذلك طلبوا منه ان يرجع عنه، بل وان يعلن إسلامه).
لقد خدع كثير من الناس بهذا الشعار (لا حكم إلاّ لله) لأنه يوحي بالتمسك بكتاب الله، وقد عبر الإمام علي عليه السلام عن هذا الشعار بأنه (كلمة حق يراد بها باطل)، وكان الخوارج يكثرون من العبادة وقراءة القرآن حتى سموا بذوي الجباه السود والقراء، ويغلب على اتباع هذه الفرقة (الانفعال والتطرف في السلوك والتزمت في الدين والتحجر في الفكر) وقد ذهبوا إلى تكفير الإمام علي عليه السلام وعثمان وأصحاب الجمل ومعاوية والحكمين وكل من رضى بحكمهما.
ما أشبه الليلة بالبارحة، وأشبه السلوكيون هذه الأيام ـ وهم يكفرون ويخونون الجميع بلا استثناء ـ بالخوارج في صدر الإسلام الذين كفّروا الجميع وبلا استثناء أيضا.
وأخيرا فقد اضطر الإمام علي عليه السلام إلى أن يحاربهم بعد أن سفكوا دماء المسلمين، حتى كاد أن يستأصلهم في معركة النهروان، ثم استشهد سلام الله عليه على يد احدهم وهو يصلي في مسجد الكوفة، وفيما بعد انقسم الخوراج إلى فرق كثيرة انقرض اغلبها ولم يبق ظاهرا منها إلاّ (الاباضية) في عمان، وقد شذت بعض هذه الفرق في عقائدها، فبعضها كالبدعية قصروا الصلاة على ركعة في الصباح وركعة في المساء، بينما اجازت (الميمونية) نكاح بعض المحارم كبنات البنين وبنات البنات وبنات بني الإخوة. 
إن انتشار ثقافة التكفير في المجتمع سوف لن تستثني احد من شرورها لان انتشارها سيجعل الجميع يكفّر الجميع، والجميع يستحل دماء الجميع.

فالخطابية[1] والنصيرية[2] والأغاخانية[3] وغيرها العشرات قديما، والشيخية[4] والبابية[5] والبهائية[6] وغيرها حديثا وأخيراً (اليماني والقحطاني والرباني والصرخي وقاضي السماء الكرعاوي) وغيرها الكثير من الامتدادات المشبوهة والمنحرفة والمرتبطة بالأجنبي.
هامش
-----------------------
1
ـ الخطابية: ـ فرقة مغالية تنسب إلى (أبي الخطاب ـ محمد ابن أبي زينب الأجدع) والذي كان يغالي في الإمام الصادق عليه السلام ويؤلهه وهو القائل إله في السماء وإله في الأرض ويقصد الإمام الصادق عليه السلام، وهذا مصداق ما تقول به عقيدة الاتحاد والحلول.
2
ـ النصيرية: ـ حركة مغالية ظهرت في القرن الثالث الهجري، أسسها (محمد بن نصير النميري البصري) الذي اشتهر بالخلاعة والفجور، وكان يقول بإباحة اللواط، ويعتبره من التواضع والتذلل، وانه احد الشهوات والطيبات.
رفع الإمام الهادي عليه السلام إلى درجة الإلوهية، وادعى لنفسه مرتبة النبوة والرسالة، انقسم أتباعه بعده إلى عدة فرق وبقاياهم موجودين اليوم في سوريا وتركيا ويسمون أنفسهم بالعلويين.
عقائدهم: ـ
1
ـ الغلو في الإمام علي عليه السلام، والاعتقاد بأنه إله ورب، إله في السماء وإمام في الأرض، وهو ما يفلسفونه من خلال اعتقادهم بنظرية (الاتحاد والحلول)، وان الله قد حل في جسد الإمام علي عليه السلام واتحد به.
2
ـ يزعمون بان للعقيدة ظاهراً وباطناً وأنهم وحدهم العالمون ببواطن الأسرار.
3
ـ تأثروا بالأفلاطونية الحديثة، ونقلوا عنها نظرية الفيض النوراني على الأشياء ووحدة الوجود.
4
ـ يؤمنون بالتناسخ (تكرار المولد) وهو الاعتقاد بأزلية الروح، فالروح لا تفنى فناءا كاملاً بل إذا خرجت من جسم حلت في جسم آخر، وهكذا تنتقل من هنا إلى هناك، ويكون نوع انتقالها حسب صلاحها أو فسادها، فالصالحة تنتقل بصورة تصاعدية ارتقائية حتى تتصل (بالروح المطلقة للإله) وهو ما يسمى بـ (النرفانا) في العقيدة الهندوسية، والنصيرية يضيفون إلى ذلك ان الروح المؤمنة قد تنسخ إلى كوكب في السماء، لذا يعتقدون أن جميع ما في السماء من كواكب إنما هي (أنفس المؤمنين الصالحين)، أمّا الروح الفاسدة فإنها تتسافل حتى تتمثل في هياكل الحيوانات ثم الحشرات.
فالتناسخ عندهم وسيلة للتكامل أو التسافل، وهي العقيدة الرئيسية للديانات الشرقية الآسيوية (البوذية والجينية والسيخية والهندوسية وغيرها). 
3 
ـ الأغاخانية: ـ فرقة مغالية انشقت عن الشيعة الاسماعلية (البهرة) الذين يقولون بإمامة إسماعيل بن الإمام الصادق عليه السلام، بدل الإمام الكاظم عليه السلام، وقد اختصت الأغاخانية بطقوس وممارسات وعقائد أخرجتها من دائرة الإسلام ووضعتها في خانة الفرق المغالية، خاصة بعد أن أسقطت التكاليف الشرعية المتعارفة عند المسلمين وهم موجودون الآن في باكستان وأفغانستان وسوريا.
أهم عقائدهم:
1
ـ إن الذات الإلهية قد حلت في الإمام علي عليه السلام، وكذلك فإنها تحل في بعض أئمتهم المتوفين وحتى الأحياء (عقيدة الاتحاد والحلول).
2
ـ يؤمنون بعقيدة التناسخ الهندوسية.
3
ـ يؤمنون بعقيدة وحدة الوجود.
4
ـ يؤمنون بان الدين ظاهر وباطن وان الشريعة الظاهرة ما هي إلاّ مجموعة قوانين ونظريات وضعها الفقهاء بعد النبي صلى الله عليه وآله بقرون، وأنها جاءت لزمانها، وقد حدث تطور كبير يحتاج فيه الناس إلى شريعة جديدة، ولذلك فهم يؤمنون بفكرة (نسخ الشريعة) وبديلهم هو التأويل الباطني للقرآن وللشريعة، ومثال على ذلك:

ـ إن القيامة: هي قيامة الأرواح والنفوس بدون الأجساد (نظرية البعث الروحاني) والذي قالت به أيضا الفرقة الشيخية فيما بعد.
ـ إن الصلاة: موالاة الأئمة، والصلاة عندهم مجموعة من السجدات.
ـ وان الزكاة: إخراج العلم الباطني لمن يستحق.
ـ وان الحج: زيارة الإمام وإدمان خدمته، وكعبتهم حيث يوجد زعيمهم.
ـ وهم لا يقيمون الصلاة مع المسلمين، وأماكن عبادتهم تسمى (بيت الجماعة)، ولا يحجون إلى الكعبة.
ـ والصوم: هو الستر والكتمان: أي ستر الأسرار وعدم كشفها.
وباختصار فان نسخ الشريعة معناه (إسقاط التكاليف).
4
ـ الشيخية: ـ فرقة مغالية أسسها الشيخ (احمد الاحسائي)، يعتقدون بان الخلق والرزق والإحياء والإماتة أمور فوضها الله إلى الأئمة عليهم السلام، والتفويض نوع من أنواع الغلو، وكذلك فإنهم يعتقدون بـ (الركن الرابع) فيقولون (لابد في كل زمان من شخص ظاهر، غير إمام الزمان الغائب يكون عالما بكل شيء وله الوساطة بين الناس والإمام، ويجب على الجميع الدعوة له، وليس لغيره من أهل العلم أن يتصدى للأمور العامة إلاّ بإذنه وسموه بـ الناطق، والنائب الخاص والقطب، والركن الرابع والباب)، وان البعث يوم القيامة  (بعث روحاني) وليس جسماني، وان المعراج كان بروح النبي وليس بجسده.
5 
ـ البابية: ـ فرقة مغالية انشقت من الشيخية، لديها كتاب مقدس اسمه (البيان) يؤمنون بضرورة الاهتمام بالجانب الباطني (جانب القلب) وتطهيره من حب الدنيا، وكذلك إهمال الجانب الظاهري، وإسقاط التكاليف الشرعية، يدعى زعيمهم (علي محمد الشيرازي) انه هو الباب الموصل للإمام المهدي عليه السلام، فكان أول من استعمل هذا المصطلح في العصر الحديث فسموا بالبابية.
6
ـ البهائية: ـ وهي امتداد للبابية، زعيمهم (الميرزا حسين علي النوري) البهاء (المهدي الموعود)، وكتابهم المقدس هو (الأقدس)، يؤمنون إضافة لما سبق من عقائد البابية في الاهتمام بعلم الباطن وإسقاط التكاليف، بإجازة الزواج بالمحارم وكذلك يدعون بان الله تعالى قد تجلى لعباده من خلال أشخاص هم (براهما ـ بوذا ـ موسى ـ عيسى ـ محمد) وأخيراً البهاء، فهو مظهر من مظاهر التجلي الإلهي وكذلك اعتبروا قبره في يافا كعبة ومقصداً لحجاجهم. وقد أصبحت البهائية فيما بعد ذراع من اذرع الحركة الماسونية الصهيونية، ورفعت شعار الماسونية (وحدة الأديان) وقد أفتى العلماء في إيران بكفر أتباع هاتين الفرقتين فرد زعمائها بتكفير جميع علماء الدين، بل جميع الشيعة.

واليوم وحيث يعيش العراق واحدة من اخطر المفاصل التاريخية في وجوده، وحيث يتم التأسيس لعراق جديد على أنقاض الدكتاتورية والطائفية والعنصرية، وحيث يتعرض الكيان العراقي لأخطر هجمة دموية حاقدة، نعم اليوم وفي ظل هذه الظروف المأساوية بدأت بالانتشار هذه الحركات المشبوهة مستغلة حالة الفوضى التي تعم البلاد وتدني المستوى الثقافي للأمة بعد عقود من التجهيل والمسخ والتدمير المنهجي للعقل العراقي، إضافة إلى توظيف حالة التذمر الشعبي من نقص الخدمات وفقدان الأمن، باتجاه إسقاط العملية السياسية وتسقيط الأحزاب والمرجعيات الدينية، في عملية تسطيح وتبسيط للإحداث، وعدم ربطها بمسبباتها الحقيقية، (إضافة إلى إغماض العين) عما تحقق من مكتسبات يحاول أعداء الأمة إجهاضها بشتى السبل.
إن الخطر الأكبر القادم على سكان الوسط والجنوب ليس من الخارج فحسب، وإنّما هو من الداخل أيضاً، من هذه الحركات التي بدأت تنتشر انتشار النار في الهشيم والتي هي في الحقيقة طابور خامس للعدو الخارجي.
إن حركات محمود الصرخي، واحمد الحسن اليماني، وفاضل الرباني، وحيدر القحطاني، وقاضي السماء الكرعاوي وحركة الممهدون، وعشرات المجاميع من السلوكية[1] ودعاة المهدوية، الموجودين في اغلب مدن الوسط والجنوب إنّما هي في الواقع وجوه لحقيقة واحدة وحركات وفرق ضمن تيار واحد، وهو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (التيار السلوكي ـ المهدوي) باعتبار أن الحركات ضمن هذا التيار مهما اختلفت ومهما تقاطعت مصالحها ومصالح زعمائها، ورغم تميّز إحداها على الأخرى في بعض الخصوصيات، إلا أنها تلتقي على الكثير من الثوابت والقواسم المشتركة عقائديا وسياسيا وإعلاميا ومنهجيا، وجميعها تنضوي تحت خيمة واحدة وضمن إطار واحد، كما وأن قواعدها الشعبية متداخلة بصورة كبيرة وواسعة، وهناك تعاون وتنسيق فيما بينها.
وفيما يلي سوف نستعرض عددا من هذه الحركات الظلامية المنحرفة، ونفصّل القول في أخطرها وأكثرها خفاءاً، ألا وهي حركة الممهدون (المولوية)، ولكن وقبل هذا وذاك سنمر مروراً سريعا مختصراً على أهم المحطات في مسيرة (الحركة السلوكية المهدوية) في النجف، كي نربط الماضي بالحاضر ونفهم حقيقة المقدمات التي أدت إلى انتشار هذا البلاء في بلاد الرافدين.
هامش
--------------
1
ـ السلوكية : ـ وهو مصطلح مشتق من كلمة (السالك) أي الشخص المنتمي للفرق الصوفية و(السائر) في طريق الحقيقة والعرفان للوصول إلى (اليقين)، فالسلوك هو الطريق إلى الله والذي يختاره العارفون والمتصوفة بالعبادة والزهد في الدنيا، لأجل التقرب إلى الله تعالى.
وقد تَسمّى بهذا الاسم أصحاب الحركات (الصوفية ـ السياسية ـ التكفيرية) الموجودة اليوم في الساحة العراقية.

 

أضواء على الحركات السلوكية المعاصرة

في بداية التسعينات ومع ظهور نجم السيد محمد الصدر (سقراط الفكر المهدوي المعاصر)، وفتحه لأبواب الدراسة الحوزوية على مصراعيها، وقيامه شخصياً بالتدريس، كان رحمه الله يلقي على بعض تلامذته دروس في (العرفان والسلوك) أو (علم الباطن والحقيقة) الذي يقابل (علم الظاهر والشريعة)، وذلك حسب تصنيفات المتصوفة[1] وأهل العرفان، ويبدو أن الخلاف والجدال والصراع الدائر بينهما منذ قرون، بين مرجّح للباطن على الظاهر أو بالعكس وبين جامع بين الاثنين، قد عاد ليطل برأسه من جديد، ولكن هذه المرّة وهو يحمل معه نذر الموت ومشاعل الفتنة ودعاوى التكفير.
وبالعود إلى موضوعنا يبدو أن بعض تلامذة السيد الصدر رحمه الله قد خرجوا عن سياق البحث الذي يلقيه، وخالفواالمنهج العرفاني الشرعي المعتدل الذي كان يبثه بينهم والذي يجمع بين آداب السلوك وآداب الفقه، فانفتحوا على علوم وأبحاث هذا العلم وهي كثيرة وغاصوا في بحاره وهي عميقة، ولم يأخذوا للأمر أهبّته ولم يستعدوا له كما ينبغي، فخاضوا فيه من غير حصانه وهم في بداية الطريق فغرقوا واغرقوا معهم خلقاً كثيراً، هذا فيما لو أحسنّا الظن، ولكن هناك أرقام وأدلة تؤكد ارتباطهم بمخابرات النظام السابق.
وقد عرفوا في حياة السيد الشهيد بـ(المنتظرون) أو (حركة جند المولى)، والمولى هو السيد الصدر رضوان الله عليه، إذ كانوا يعتقدون أن الإمام المهدي عليه السلام قد تجلى وظهر به، وكان على رأسهم اثنين من طلبته رحمه الله، هم (منتظر الخفاجي) و(فرقد معز الدين القزويني)، فهؤلاء هم طليعة السلوكية في النجف، ثم تبعهم خط ثانٍ من السلوكيين من طلبة السيد الصدر، انتشروا في كل محافظات العراق الوسطى والجنوبية، كان أشهرهم (حيدر مشتت ـ القحطاني) و(احمد إسماعيل كاطع ـ اليماني) و(فاضل عبد الحسين ـ الرباني)، وقد فسّقهم رحمه الله وفسّق من يتعاون معهم.
ثم دارت عجلة هذا الفكر المنحرف لتجرف في طريقها الآلاف من البسطاء والجهلة وأنصاف المتعلمين والموتورين، وطلاب الجاه والمال، ثم لتتحول فيما بعد إلى مجاميع تكفيرية لا تؤمن بأي شيء، حيث تماحتوائها من قبل المخابرات الأجنبية والجهات الطائفية والوهابية التي تريد شراً بالعراق وأهله، فانهالت عليهم الأموال، وتم اختراقهم بعناصر مخابراتية محترفة وخطيرة، بدأت تسّير هذه الحركات من خلف ستار، وتتحكم بقراراتها وتملي عليها عقائدها، وترسم لها خط سيرها.
وكانت اخطر حلقة من حلقات هذه المؤامرة هي (واقعة الزركة) وما يسمى (بجيش الرعب) و(جند السماء) والذي كان يتهيأ لاحتلال النجف وقتل جميع المراجع وعلماء الدين وكل من يقف في طريقه، على أمل أن تهب باقي المجاميع السلوكية للنصرة، فيختل حبل الأمن ويسود الهرج والمرج، وهنا ستتدخل قوى خارجية وقوى داخلية غير منظورة لقلب الأوضاع بما يؤدي إلى إسقاط الحكومة وانتشار الفوضى الشاملة في البلاد ولكن الله والغيارى والمخلصين كانوا لهم بالمرصاد.
هذا ما كان من أمر السلوكيين في النجف والعراق، أما في خارج العراق فهناك مجاميع مختلفة من السلوكيين في إيران وباكستان ولبنان، لا يسعنا حصرها واستعراضها لكثرتها من ناحية ولضعفها وعدم أهميتها وعدم تأثيرها من ناحية أخرى، عدا الدور الذي قام ويقوم به المدعو (أبوهدى الغزّي)، حيث ساهم في نفخ الروح في هذا الفكر والسلوك المنحرف وتأجيجه داخل العراق، وخاصة بعد سقوط النظام.

هامش
---------------------
1
ـ الصوفية ليست مذهبا أو دينا بل هي منهج وطريق يسلكه العبد للوصول إلى الله تعالى كما يعرفها أصحابها أمّا معارضيها فيعتبرونها ممارسات عبادية لم تذكر في القرآن أو السنّّة، ولا يوجد أي سند في إثباتها. "راجع الملحق ـ2ـ". [سيأتي لاحقا]

 

فمن هو (أبوهدى الغزّي) ومن هم أساتذته وتلامذته؟ 
إن القصة باختصار شديد ومضغوط كالتالي:
في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وبعد الحملة التي قادها النظام البائد لاستئصال الإسلاميين، هاجر الكثير منهم إلى خارج العراق، وكان من ضمن هؤلاء المهاجرين شيخ حديث العهد بالانضمام إلى حزب الدعوة الإسلامية اسمه (محمد علي اليعقوبي).
هاجر الشيخ محمد علي اليعقوبي إلى الكويت ثم إلى إيران حيث اختص بالسيد (عبد الكريم الكشميري) العرفاني المعروف، واخذ عنه بعض أسرار العرفان (كما يعبّر العرفانيون) وأصبح من حوارييه المقربين، ثم أصبح فيما بعد عنواناً للأفكار السلوكية المهدوية في أوساط العراقيين في إيران، واستطاع مدّ الكثير من العلاقات مع شخصيات مهمة ومؤثرة في إيران، وأخيرا اعتقل بتهمة نقل أموال من الخليج إلى جهات مشبوهة في إيران، وقضى سنة واحده في السجن، وبعد أن خرج ذهب إلى الهند وباكستان، وانقطعت أخباره منذئذ.
أما الشيخ (عبدالحليم الغزّي ـ أبوهدى) من ناحية الشطرة في الناصرية، فهو داعية، اعتقل عام 1979 بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة، لكنه انهار في التحقيق واعترف اعترافاً تفصيلياً، وبعد أن خرج في العفو، هرب إلى الكويت ثم إلى سوريا ثم إلى إيران، لكنه تعرّف في الكويت بالشيخ محمد علي اليعقوبي واستمرت العلاقة بينهما بعد سفرهما إلى إيران، ثم انضم إلى معسكر (الشهيد الصدر) للمجاهدين العراقيين من الدعاة، ولكنه كان على عكس الجميع (متخاذل ـ متردد ـ جبان)، ثم ترك المعسكر عائدا إلى مدينة (قم) هاربا من الجهاد، متفرغا للدراسة، ومروجا لثقافة الانسحاب من سوح الجهاد ومثبطاً الناس عن الذهاب للجبهة، ثم ما لبث أن استقال من حزب الدعوة، بعد أن بدأت أفكاره، وأطروحاته السلوكية تصطدم مع أفكار الدعوة وأجوائها.
أما عن علاقته باليعقوبي، فقد بقي ملازماً له متأثراً بأفكاره السلوكية، ثم انفصل عنه ليستقل بذاته، وقد اخذ يجمع الناس من حوله بإطروحاته العرفانية والسلوكية والتي تتميز بالمبالغة في الممارسات الشعائرية، فتحلّق حوله العشرات من الشباب العاطلين عن العمل، والذين كانوا يعتمدون في معيشتهم على ما يدفعه لهم من أموال (مجهولة المصدر)، وهو ما يؤشر حجم إمكانياته المادية التي تمكّنه من الصرف على هكذا أعداد من الشباب العاطل.
وفي أواسط التسعينات جرت محاولة لاغتيال الشيخ الآصفي، وبعد التحقيق مع الشخص المكلّف بالاغتيال إدّعى بان (الغزّي) كان وراء المحاولة، فاعتقل، ثم أُطلق سراحه بعد فترة قصيرة حيث هاجر إلى الغرب متنقلاً بين كندا وهولندا وبلجيكا، استراليا وأخيرا باكستان.
بعض أفكار وسلوكيات عبدالحليم الغزّي:
1
ـ يدّعي أن الأرض تطوى له، وانه يسمع رفيف الملائكة.
2
ـ يثقف أتباعه على أن ينادونه بـ (ابن الإمام).
3
ـ انتهى في أفكاره إلى إسقاط التكاليف وإكثار الفساد للتعجيل بالظهور.
4
ـ وأخيرا كان يدعو إلى تبادل الزوجات.
في الفترة التي قضاها (الغزّي) في إيران تعرّف (بالسيد محمد)، وهذا الشخص أصبح فيما بعد من المروجين لأفكاره، رافق الغزّي بعد خروجه من إيران، في حركته وأسفاره، وأصبح من المعتمدين لديه، دخل عدة مرات إلى العراق بصورة غير رسمية، وأخيرا القي القبض عليه في عام 1997، وحكم في أبوغريب بتهمة (دخول البلاد بصورة غير رسمية) فقضى حوالي خمسة أعوام في السجن (الخاصّة) ليخرج عام 2002م.
وفي (الخاصّة) التقى بضياء الكرعاوي (قاضي السماء)، وشكّلوا معا (تنظيم سلوكي)، واستطاعوا جذب العديد من السجناء إلى صفوفهم، حيث كانوا يقضون أوقاتهم (بالذكر والأوراد)، وكذلك فقد شوهد بعضهم وهم يمارسون ممارسات لا أخلاقية داخل السجن، ظن السجناء وقتها أنها تصرفات لها علاقة بالسلوك والخلق الشخصي، ولم يعرفوا حينها بأنها مستلزمات العقيدة الجديدة، وفيما بعد كان أكثر أفراد هذا التنظيم من المشاركين في معركة الزركة.
ومن ناحية أخرى، فان وجود (الشيخ الغزّي) في أوربا وأمريكا وأخيرا في استراليا، قد جعله مطلق اليد في الدعوة لأفكاره بين الشباب المؤمن في هذه البلدان، ومن ضمن الأشخاص الذين تأثّروا به شخص يدعى (صفاء جاسم عيدان)، وهذا الشخص يعيش في استراليا مهاجراً من قبل العام 1998، وبعد سقوط النظام كثرت زياراته للعراق، وكذلك اتصالاته بـ (احمد الحسن اليماني) وليتحول بعد ذلك إلى الممثل الرئيسي لليماني في استراليا ومنطقة الخليج العربي، حيث يروّج لأفكار (اليماني) في أوساط شيعة الخليج بعلم وتسهيل الشخصيات الحكومية في السعودية والإمارات، وخصوصاً (أمير الرياض). وهو في دعوته، لا يلمّح ابدأ لأي علاقة مع أستاذه (أبوهدى الغزّي)، فالدعوة مقتصرة على (اليماني) فقط.
الغريب والملفت للنظر أن المدعو (أبوهدى الغزّي) بعيداً جداً وبصورة شبه كاملة عن الأضواء ـ وحتى تاريخ كتابة البحث هذا، بل إن هناك شبه تعتيم على أخباره وأماكن تحركه ووجوده ونشاطاته من قبل أهله وأقربائه وأصدقائه، مما لا يمكن أن يكون مصادفة ـ فيما يكتفي بتحريك الأحداث من خلف الستار، وان ما ترشح من معلومات حول علاقاته بكل من (ضياء الكرعاوي واحمد الحسن اليماني)، لسبقه في هذا المضمار، فان أصابع الاتهام تتوجه إليه باعتباره (العقل المدبّر) من وراء هذه الحركات المشبوهة في ارتباطاتها الخارجية وانحرافاتها الفكرية.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة، فان الدلائل والمؤشرات تدل وبما لا يقبل الشك أن خيوط الحركات والمجاميع السلوكية وبمختلف اتجاهاتها ومشاربها إنّما تصدر عن عقل مخابراتي صدامي زرع هذه الخلايا السرطانية في الجسد الشيعي، كما زُرع من قبل خلايا الوهابية والقاعدة في الجسد السنّي، ليوقضها في الوقت المناسب، وهو ما بدت معالمه تتضح وتبين.
والخلاصة:
فإنّ هناك الكثير من الشكوك حول دور المدعو (أبو هدى الغزّي) في قيادة وتوجيه هذه الجماعات، وخاصة علاقته بجماعة (جند السماء) التي أثبتت التحقيقات ارتباطها بالبعث والقاعدة والسعودية، وكذلك علاقاته الخفية مع (احمد بن الحسن اليماني) زعيم جماعة (أنصار المهدي).

المبحث الأول
الفرق المهدوية المعاصرة

فيما يلي خلاصة مفيدة بأهم الحركات السلوكية الموجودة في الساحة العراقية هذه الأيام، عقائدها، خطابها السياسي وأماكن انتشارها.
1 ـ حركة حيدر مشتّت:
يقودها أبو عبد الله الحسين القحطاني، يدّعي انه هو اليماني وقد قُتل على يد جماعة احمد الحسن اليماني، انخرط اغلب أتباعه مع جند السماء، وقتل الكثير منهم معهم. مكان انتشارهم في العمارة وبغداد.
2 ـ حركة أنصار المهدي:
يقودها احمد إسماعيل كاطع السويلم، المعروف بأحمد الحسن اليماني، يدّعي انه هو اليماني وانه ابن ووصي الإمام المهدي، مكان انتشارهم في البصرة.
3 ـ حركة جند السماء:
يقودها ضياء عبدالزهرة الكرعاوي (قاضي السماء)، يدّعي انه هو المهدي وانه ولد من بيضة مخصبة للزهراء من الإمام علي، قتل في معركة (الزركة) في النجف، مكان انتشارهم في الحلّة.
4 ـ حركة الموطئون:
يقودها فاضل عبدالحسين المرسومي (الإمام الرباني)، يدّعي انه هو المهدي الموعود، وان الله قد تجلى وظهر به، يدعو إلى وحدة الأديان، مكان انتشارهم في ديالى.
5 ـ حركة الممهدون:
قيادتهم مجهولة، يدّعون إن المهدي قد ظهر منذ ستة أشهر، وأن اليماني هو الوسيط بينهم وبين الإمام، مكان انتشارهم في محافظات الفرات الأوسط وبغداد.
6 ـ حركة المختار:
يقودها الشريف حبيب الله (أبوعلي المختار)، ودعوة هذه الحركة مزيج من الأفكار الصوفية والتبشيرية المسيحية، نشطت في بغداد في الآونة الأخيرة، زعيمها من أهالي الطالبية، والده شيوعي سابق كان يعمل في السحر وقراءة الفأل.
7 ـ حركة أصحاب القضية، وهم جماعتين:
الأولى: (حركة روح الله) وتعتبر أن السيد الخميني هو المهدي، وأنه لم يمت بل غاب وسيظهر، مكان انتشارهم في العمارة.
الثانية: (حركة النبأ العظيم) وتعتبر أن السيد مقتدى الصدر هو المهدي، مكان انتشارهم في العمارة.
كما وان التسمية (أصحاب القضية) تطلقها على نفسها كل من حركة (الممهدون) وحركة (اليماني) وحركة (القحطاني) وهو ما يؤشر منطلقاتهم الفكرية المشتركة.
8 ـ حركة محمود الصرخي (الحوزة الصادقة) وهي حركة (مهدوية ـ مرجعية) وتعتبر معتدلة فكريا (غير سلوكية) ولكنها تحمل بذور الفكر المنحرف، حيث يدّعي زعيمها انه يلتقي بالإمام المهدي، (سألت الناحية المقدسة)، وانه (الأعلم) ويبطل تقليد باقي المراجع، مكان انتشارهم في الديوانية وكربلاء.

تمويلهم:
إن أصابع الاتهام في تمويل هذه الحركات إنما تشير إلى (حزب البعث، الحركة الوهابية، دعم خارجي/ خليجي).
مشتركاتهم العقيدية:
في البدء لابدّ من معرفة أن اغلب هذه الحركات إنما تنهج نهجا صوفيا في أدبياتها وأفكارها وسلوكياتها، حيث توظف المفاهيم الصوفية توظيفاً سياسياً[1].

هامش
---------------------
1
ـ التوظيف السياسي للتصوف: ـ إن القضية في العمق هي مؤامرة تكفيرية بعثية لتمزيق الساحة الشيعية عبر تسويق المنهج الصوفي وتحت عباءته، ونشره بين الناس كبديل عن المنهج التشريعي الفقهي وبالتالي لاستبدال المراجع والفقهاء المجتهدين بدعاة التصوف والعرفان، ولكن ليس بصيغته الشرعية المعتدلة والمتسالمة مع الفقه والفقهاء والمتكاملة مع الشريعة، إنما بصيغة تكفيرية مغالية رافضه لكل ما يتعلق بالفقه والشريعة وحدود الحلال والحرام.


لان الشريعة وفقهها وفقهائها أصبحوا عقبة كأداء في وجه هؤلاء الأدعياء في سعيهم لخداع واستغفال الامة وتنفيذ مخططات العدو المتربص بها.
لقد وجد دهاقنة الشر وشيوخ الطائفية وضباط المخابرات الأجنبية، إن خير وسيلة لاختراق الجسد الشيعي والعقل الشيعي والهيمنة عليه هي عن طريق هذا المنهج الذي سبقهم النظام البائد في محاولة توظيفه لتمزيق الساحة الشيعية آنذاك عندما زرع عناصره في حاشية السيد محمد الصدر رحمه الله، والذين لعنهم رحمه الله بعد ان كشف انحرافاتهم وشك بتوجهاتهم.
لقد تم تطوير هذه النسخة المحسنة من المنهج (العرفاني) لتلبي إحتياجات المرحلة في إحداث خرق (عقائدي ـ اجتماعي ـ سياسي ـ امني) للواقع الشيعي.
ولكن لماذا وقع الاختيار على (المنهج العرفاني) ليوظف في هذه المهمة المشبوهة، والجواب هو أن منهج العرفان لا يعتمد في استدلالاته على المبادئ والأصول العقلية، لكي تحاكم الأشياء فيه على مدى اقترابها وابتعادها عن العقل، بل إن استدلالاته تعتمد على المكاشفات، وما يشاهد بالبصيرة وليس بالبصر، فالأدوات المعرفية التي يعتمدها هذا المنهج هي (البصيرة والمجاهدة وتزكية النفس ـ والحركة والصراع الباطني) وكلها غير قابلة للإثبات ولا تحدها حدود أو تقيدها قيود من علم أو فقه أو كفائه أو غيرها، انه منهج مشرع الأبواب لكل من يريد، وبهذا أصبح فرصة للمندسين والأعداء للنفوذ إلى الامة من خلاله.
فضلاً عن أن (القضايا الروحانية) والمناهج (غير العقلية) والتصوف منها، تناسب طريقة تفكير العامة من الناس، التي تحاول أن تفسر الدين وتفهمه بصورة عاطفية مشاعرية مغالية.
انه منهج بسيط لايستلزم التوفر على معارف خاصة او مقدمات معقدة، فهو يحتاج الى جهد ذهني وجسدي (غير نوعي)، وكذلك فهو يناغم الأوتار الحساسة في النفس البشرية وما يستهوي البسطاء من الناس وذوي الثقافة المحدودة.
فما لم يكن الإنسان محصناً بالثقافة الشرعية والعقائدية المناسبة، وما لم يكن ممن يعتمد الدليل العقلي في فهمه للدين، فأنه سيكون لقمة سائغة لهذه الدعوات.

أما أهم عقائدهم فهي:
1
ـ عقيدة الاتحاد والحلول [1] : 
حيث يعتقدون بان الله تعالى قد حل في بدن الإمام المهدي واتّحد به، وهي كما أسلفنا من عقائد النصارى والمتصوفة.
2 ـ عقيدة وحدة الوجود[2] :
وأن الله تعالى يتجلى للناس من خلال بعض عباده الصالحين، وهي من عقائد فرق الغلاة المنقرضة، وكان آخر من ادعاها (البهائية).
3 ـ الإيمان بنظرية الظاهر والباطن: 
أي تطهير الباطن وإهمال الظاهر، والذي ينتهي إلى (إسقاط التكاليف) و(إكثار الفساد) تمهيداً لظهور الإمام المهدي عليه السلام.
مصادرهم في الاستدلال على عقائدهم:
أ‌ ـ التفسير الباطني للقران.
ب‌ ـ الأحلام والإلهامات والمكاشفات.
ج‌ ـ انتقاء الروايات المتشابهة التي تخص قضية الإمام المهدي عليه السلام وتفسيرها بصورة موجهةوتوظيفها للاستدلال على مدعياتهم.
د‌ ـ ادعاء اللقاء بالإمام المهدي عليه السلام من قبل زعمائهم وسؤاله والتعلم منه والأخذ عنه.

هامش
----------------------------
1
ـ الاتحاد والحلول: ـ معناه أن الله يحل في بعض مخلوقاته ويتحد معها، كاعتقاد النصارى حلوله في المسيح عيسى بن مريم، وقد ابتدع هذا القول في عالم المسلمين (الحلاّج)، وادعى أن الله قد حل به، وهو احد أشهر زعماء المتصوفة، فالتصوف في جوهره ودلالته الاولى والدقيقة لا يعني إلا الاتحاد مع الخالق عند صوفية الأديان السماوية، ومع (النفس الكلية ـ الكونية) في غيرها فالتصوف في دلالته التاريخية الدقيقة لا يخرج عن كونه (سلوك طريق الاتحاد مع المطلق) فهو فن الاتحاد مع الواحد.

2
ـ وحدة الوجود: ـ وحدة الوجود انحراف قديم ظهر في العالم، فقد امن بها الهندوس والصينيين والإغريق وهي (اعتقاد أن الله هو الوجود المطلق الذي يظهر بصور الكائنات والادعاء بان الله تعالى والعالم شيء واحد، فليس هناك ـ بزعمهم ـ خالق ومخلوق، بل العالم ـ عندهم ـ هو مخلوق باعتبار ظاهره، وهو خالق باعتبار باطنه، والظاهر والباطن في الحقيقة شيء واحد، هو الله تعالى.
وقد نشأت وحدة الوجود في الأمة الإسلامية مقترنة بنشأة التصوف، وأقوال أئمة التصوف المتقدمون كلها تدور حول وحدة الوجود، فهي عندهم أهم العقائد وغاية الغايات ومنتهى الطلبات، وقد تبلورت هذه الفكرة على يد (محيي الدين بن عربي).
والطرق الصوفية وان اختلفت في بعض الشعارات والطقوس الظاهرة، ولكنها متفقة في الغاية والنهاية،وهي (إيصال المريد إلى وحدة الوجود).
فمن سار في طريق التصوف إلى نهايته وتعمق في أسرار العقيدة الصوفية، ووصل إلى مرتبة الكمال عندهم، فهو من أهل وحدة الوجود.
وقد وضع أئمة التصوف طريقة ليوصلوا بها أتباعهم إلى الاعتقاد بوحدة الوجود، وهي في مجملها (تعذيب النفس والبدن بالرياضات المختلفة كالجوع والسهر والانعزال عن العالم، والصمت الطويل وترديد الأذكار الصوفية آلاف المرات)، ويكون ذلك كله بإشراف (شيخ صوفي)، ويتدرج بالمريد المسكين عبر مقامات، بعضها أعلى عندهم من بعض حتى يصل إلى (مرتبة اليقين) (وحدة الوجود).
إن المرتكز الجوهري لعقائد الصوفية هو القول (بوحدة الوجود) والتي هي غاية التصوف والعقيدة الأساس عند الصوفية، هذه العقيدة مناقضة للإسلام، هادمة لأصول الإيمان، وهي كفر وشرك بالله تعالى، ولها آثار خطيرة على دين من آمن بها لأنها تتضمن جحود الإلوهية والربوبية.
أما الفيض الإلهي فهو شكل من أشكال القول (بوحدة الوجود) فالإله هو النفس الكلية التي فاضت على الموجودات الحية عن طريق ما يسمى بـ (العقول العشرة)، فتكونت عنها نفوس الكواكب والبشر وسائر المخلوقات وهي نظرية تمت أسلمتها عن أصولها الإغريقية.

قراءة في بعض أفكارهم ومشتركاتهم السياسية والاجتماعية:
1
ـ إن الإمام المهدي عليه السلام ظهر أو على وشك الظهور، وان كان بعضهم (ابنه) والآخر (وصيه) والثالث (نسيبه) والرابع (المهدي نفسه).
2
ـ يتدرجون مع إتباعهم في تلقين الأفكار المنحرفة وكالتالي: 
أ‌ ـ يبدؤون بالدعوة لترك طلب العلم لأنه غير نافع في زمن ظهور المعصوم، (إغلاق عقل المتلقي).
ب‌ ـ تسقيط المرجعيات الدينية، والمناداة ببطلان تقليدهم، فهم يسعون إلى هدم ثقة الناس بعلماء الدين ثم عزلهم ثم تصفيتهم إن تطلب الأمر.
ج‌ ـ ثم الدعوة لإسقاط التكاليف الشرعية (صلاة ـ صوم ـ حج ـ زكاة)، واعتبارها أحكام ظاهرية غير مهمة، واستبدالها بتطهير الباطن وتنقية القلب مما علق به من حب الدنيا.
د‌ ـ وأخيرا ضرورة الإكثار من الفساد للتعجيل بظهور الإمام المهدي عليه السلام.
3
ـ ممارسة السحر والشعوذة والادعاء بأنها كرامات، ليخدعوا بها السذج والبسطاء.
4
ـ تكفير المجتمع، والمفارقة الغريبة والخطيرة في فكر هذه الجماعات أنها تكفّر المجتمع بكل شرائحه وطبقاته، بما فيه علماء الدين والمراجع ونزولا إلى البسطاء والاميين، والغريب أن التكفيريين من الجانب الآخر إنّما يكفّرون الطائفة التي لا ينتمون إليها، أما هؤلاء فأنهم يكفّرون طائفتهم وأهلهم وإخوانهم، وهو ما يكشف حقيقة الدور الذي تقوم به (القاعدة) في تسيير وتوجيه هذه الحركات.
5
ـ معاداة الديمقراطية ونظام الانتخابات.
6
ـ معاداة العملية السياسية.
7
ـ رفض الدستور.
8
ـ لأغلبهم اتصالات مع المجاميع الإرهابية وبعض القوى السياسية المعادية للحكومة، من داخل وخارج الحكومة.
9
ـ إيمانهم بمبدأ العنف المسلح، ولدى اغلبهم ميلشيات مسلحة.
10
ـ تجويزهم استهداف الشرطة والجيش.
11
ـ تنظيماتهم عنقودية وعلى مستوى عالي من الدقة.
12
ـ يؤكدون على قضية (الطاعة المطلقة) ويدربون عناصرهم عليها وبصورة غير طبيعية وبوسائل غريبة وقاسية، حتى يتحول المنتمي لهم إلى (بيدق شطرنج) فاقد لأي وعي أو إرادة أو رأي، وهو ما يفسر لنا الولاء الأعمى لأعضاء هذه الحركات (إنها عملية غسل دماغ تمارسها جهة محترفة).
13
ـ كشفت التحقيقات مع تنظيم (جند السماء) أن هناك علاقة إستراتيجية مع حركة (احمد الحسن اليماني) وقد اعترفوا بأنّه في حالة الاستيلاء على النجف من قبلهم فإن هناك (مجموعة الألف) سوف تلتحق بهم، وهي مجموعة اليماني، وكذلك فان حركة (قاضي السماء) كانت تقوم بتمويل حركة (احمد الحسن اليماني)، على خلفية العلاقات المتينة التي كانت تربط بين زعيمي الحركتين.
أسباب الظهور والانتشار:
إن أهم أسباب ظهور وانتشار هذه الحركات هو: 
1
ـ الفراغ الفكري والعقائدي.
2
ـ تسيّد الجهل الثقافي.
3
ـ الظروف القلقة والمأساوية واختلال الأمن ونقص الخدمات والذي ولّد الحاجة اللاّشعورية لوجود المنقذ.
4
ـ تدخل المخابرات الأجنبية، وشراء الذمم والضمائر واستغلال الحاجة المادية للناس.
5
ـ وجود طلاب الجاه والمنصب والمال، الذين لا يتورعون عن تنفيذ مخططات الأعداء مقابل المصالح الشخصية.
6
ـ الإحباط العام الذي أصاب الأُمّة بسبب كثرة الجهات السياسية والدينية وصراعاتها على مناطق النفوذ ومصادر المال ومواقع القرار.
7
ـ عدم وجود الفهم الصحيح لـ(عقيدة المهدي عليه السلام) وحدودها مما سمح للأدعياء باستغلالها لخداع الأُمّة وتمرير المخططات الخارجية الخبيثة بحقها من خلال هذه العقيدة السامية.
8
ـ انشغال النخب السياسية والدينية والأمنية في القضايا الكبرى (وضع أُسس الدولة الجديدة)، ومواجهة التحديات الكبرى (البعث ـ الوهابية ـ الإرهاب ـ التآمر الإقليمي ـ توفير الخدمات)... وغيرها، عن التفرغ لمواجهة هذه الحركات الهدامة.
9
ـ انحسار وضمور وابتعاد وعدم تفعيل (الفكر الواعي) في الأُمّة بسبب انشغال ممثليه في الساحة بالمعركة الأمنية والسياسية.
10
ـ عدم وجود القوانين (الرادعة)، التي تضع العقوبات المناسبة لهكذا حالات وظواهر مدمرة.
11
ـ الضعف الإعلامي الرسمي وغير الرسمي في مواجهة هذا الطاعون الخطير.
12
ـ وأخيرا وليس آخرا فإنّ تنامي وتأجج حالة الاستشعار والوعي بـ(الخطر الخارجي) لدى الأُمّة بكل شرائحها (مرجعيات دينية وثقافية وسياسية وأمنية) قد اوجد حالة من (التراخي والغفلة والإهمال وتدنّي الوعي) إزاء الخطر الداخلي الذي تمثله هذه الحركات، والتي هي في الواقع (الطابور الخامس وحصان طروادة والخلايا النائمة للعدو الخارجي المتربص).
أسباب الدعم الخارجي والداخلي:
هناك أسباب كثيرة تدفع بالآخرين (داخليين وخارجيين) لدعم هذه الحركات وتقويتها.. ومن أهمها: ـ
1
ـ لقد وجدوا أن هذه الحركات هي السلاح المناسب، لضرب التشيع من الداخل، وإفشال التجربة التي يقودها الشيعة في العراق، بعد أن عجزوا عن إسقاطها من الخارج على أمل إضعاف سيطرة الأغلبية على مقاليد الأمور في البلاد.
2
ـ سعي الجهات الطائفية الحاقدة ـ من خلال الإيحاء بان هذه الحركات هي المصداق العملي لـ(التشيع) ـ إلى اتهام الشيعة بالانحراف عن خط الإسلام وجعلهم في مواجهة مع العالم الإسلامي، الذي ستصدمه عقائد الاتحاد والحلول وإسقاط التكاليف وإكثار الفساد، وكذلك تشويه صورة (التشيع) في العالم وأمام المسلمين، وقد بانت حقيقة هذا الدعم في الجانب الإعلامي، وذلك عندما قضت الدولة على إحدى هذه المجاميع المنحرفة في معركة (الزركة) حيث قامت القنوات (الزوراء ـ الرافدين ـ الشرقية) بتغطية الأحداث بصورة منحازة 100% لصالح (قاضي السماء) والمغرر بهم من أتباعه، وبما يؤكد تخندقهم مع هذه الجهة واستعدادهم جميعا لساعة الصفر، والتي كانت عليهم ولم تكن لهم.
3
ـ السعي لتمزيق النسيج الاجتماعي والسياسي والفكري في الوسط والجنوب، وإثارة الفتنة والاقتتال الداخلي الذي سيأتي على الوحدة الداخلية، (مصدر قوة الأُمّة)، وكذلك على كل بناها المادية والحضاريةوالعمرانية والخدمية، ويؤسس لصراع طويل الأجل يتركها عاجزة عن الوقوف على قدميها لعشرات السنين، ويحرمها من الحصول على حقوقها وتامين مصالحها، ويجعلها أُمّة واهنة، مشلولة أمام الآخرين.
4
ـ وخارج حدود المنطقة وتداعيات الصراع فيها، وبعيداً عن إسقاطات الوضع العراقي، فأن هناك مخطط عالمي في الترويج للإسلام الصوفي، مقابل الأنواع الأخرى من الإسلام (الأصولي أو السياسي) بل مقابل حتى الإسلام المعتدل غير الصوفي، باعتبار أن الإسلام الصوفي يختزن القابلية للاندماج والذوبان في المجتمعات كافة وليس التعايش فقط، بسبب الأصول المشتركة مع باقي الديانات، مع قدرته على التنازل عن أي ميزة للهوية الإسلامية سواء كان في مجال السلوكيات الاجتماعية أو الفكر والعقيدة أو الرؤى والقيم العامة.
والحركات السلوكية امتداد طبيعي للنهج الصوفي الذي يراد له أن يعمّم في العالم الإسلامي.

خطرهم على الأمن الوطني

يضن البعض بأن خطر هذه الحركات مبالغ فيه، وإنه لا يستحق أن يعطى أكثر من حجمه الحقيقي، وهو ظن لا يمكن تفسيره إلا بأحد أمرين أو بهما معاً، الأول انه دليل عدم الاطلاع والإحاطة بالحجم الحقيقي ومدى الانتشار الواسع لهذه الحركات جغرافيّاً، والثاني انه دليل عدم الوعي بحقيقة الأفكار والعقائد المنحرفة والرؤى السياسية المتطرفة التي تؤمن بها هذه الحركات.
إنّ خطر هذه الحركات إنما يكمن: 
أولا: في المنهج:
يمكن القول أن كل تيار يستبطن التطرف في حركته السياسية والاجتماعية والفكرية، ويتخذ من القوة وسيلة لتحقيق أهدافه فانه يحمل درجة خطورة بنسبة معينة؛ لان ادعاء امتلاك الحقيقة الكاملة, وجعل الباطل هو نصيب الآخر، إنما هو ادعاء وجود مع نفي وجود الآخر، كذلك فإن التثقيف باتجاه استعمال القوة لتحقيق الأهداف إنما هو بمثابة الإخضاع القسري للطرف الآخر، والخلاصة (فإنها رؤية تريد فرض نفسها بالقوة على الآخرين) وهكذا حركات تهدد الأمن الوطني والسلم الاجتماعي وتوفر الأرضية المناسبة للتدخل والتغلغل الأجنبي، أن لم يكن اليوم فغداً قطعاً.
أن الخطر الذي تمثله هذه الحركات على الأمن الوطني وأن بدا ضعيفاً إلاّ انه ينمو مع الأيام وينتظر الفرصة المناسبة.
ثانياـ في السلوك:
1‌
ـ السماح بالتغلغل الأجنبي المعادي.
2‌
ـ تمزيق وحدة المجتمع وزرع العداوات والأحقاد.
3
ـ‌ ـ استغفال المئات من أبناء الأُمّة البسطاء والزجِّ بهم في أتون حرب ضد أنفسهم وإخوانهم وأوطانهم.
4‌
ـ الإساءة لعقيدة الأمة ولفكرة المهدي عليه السلام ولموضوع الدين بصورة عامة.
5‌
ـ تنفيذ أجندات أعداء العملية السياسية في الداخل والخارج ومحاولة إسقاط الحكومة بعد إضعافها.
6
ـ إضعاف الأُمّة واستهلاك طاقتها وإلهاءها عن معاركها الحقيقية بمعارك جانبية.
7‌
ـ الإخلال بالأمن المجتمعي ونشر الفوضى وإشاعة أجواء العنف.
8‌
ـ ضرب حالة الاستقرار والبناء والعمران، مما يؤدي للإضرار بالناس اقتصادياً واجتماعياً وعرقلة مسيرة الحياة.
9
ـ إشاعة الأفكار والعقائد المنحرفة والمخالفة لحركة التاريخ وللعقل وللفطرة وللدين في أوساط الناس
10
ـ الترويج للتخلف في المجتمع.

إن هناك شبحاً يجول في قرى ومدن الوسط والجنوب اسمه (السلوكية)، وخطورته إنّه يخرج الناس من الدين بإسم الدّين، ويمسخ عقولهم ويحوّلهم إلى أداة تنفّذ كل ما يُطلب منها، وان كان قتل الأهل والإخوان وتدمير البلاد وتنفيذ مخططات الأعداء، وكذلك تحويلهم إلى طابور خامس يتولى إرباك الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية من الداخل وخنجراً لطعن الأُمّة من الخلف.

 

المبحث الثاني
حركة الممهدون ـ المولوية ـ (نموذجاً)

تنظيم (صوفي سياسي) ظهر بعد سقوط النظام البائد، واعتمد على السرية والتكتم الشديدين، وكانت انطلاقته الأولى من محافظة بابل ثم راحت تنتشر شيئا فشيئا حتى شملت كربلاء والنجف والديوانية والسماوة وظهر لها أتباع في المحافظات الجنوبية في السنوات الأخيرة إلا أنهم ليسوا بمستوى محافظات الفرات الأوسط من ناحية العدد، وقد سميت الحركة بالمولوية لأن أتباعها يكثرون من استعمال مصطلح (المولى) واشتقاقاتها فيما بينهم وبصورة لافتة، ليس لهم أي مكاتب ظاهرية، يعتمد نشاطهم الفكري والتبليغي على أتباع الحركة حيث يقوم كل فرد منهم بالتبليغ من خلال التحدث إلى أصدقائه ومعارفه ومن خلال المجالس في البيوت أو ما شاكل، وقد ظهرت لهم في الفترة الأخيرة منشورات تثقيفية يتداولونها فيما بينهم، ويوزعونها على الناس.
عقائدهم:
في الواقع إن اغلب عقائد هذه الحركة ومثيلاتها إنّما هي مأخوذة من المدرسة الصوفية ومن عقائد الفرق المغالية المنقرضة وغير المنقرضة، كالخطابية والنصيرية والبابية والبهائية وغيرها، وقد قسّمناها إلى قسمين أساسية وثانوية:
أ ـ العقائد الأساسية:
1
ـ إن أساس عقيدة هذه الحركة هو نظرية (الاتحاد والحلول) ويبدو إن الحركات المهدوية المعاصرة قد وجدت بغيتها في هذه النظرية فادّعوا بان الله جل وعلا يحلُّ في شخص الإمام المهدي عليه السلام بحيث يكون وجوده هو وجود لله تعالى في الأرض، وبذلك يكون توحيد الله تعالى بوليِّه.
أي هناك اله في السماء هو (الله) وإله في الأرض هو (الإمام المهدي) عليه السلام وهي نفس دعوى الخطابية في الإمام الصادق عليه السلام، حيث يفسّرون آية {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} تفسيراً مخالفاً لكل قوانين اللغة وضوابط التفسير، فتكون (إنّا) بمعنى الجمع، أي أن هناك إلهين، إله في السماء وهو الذي خلقك، وإله في الأرض وهو الذي يخلقك من إنسان ضال إلى إنسان مهتدي، وهذه الفكرة لا تقتصر على المهدي بل إن كل (مولى) ـ مسؤول حزبي ـ هو إله ثاني، وهكذا عادوا بنا إلى نظرية تعدد الآلهة، ليحرفوا ديانة التوحيد إلى ديانة (شركية) بإسم التوحيد..
ومن ناحية أخرى فان الإنسان يتوفر على الصفات الجلالية والصفات الجمالية الأولى للأفعال الظاهرية والثانية للكمالات الباطنية، (الإرادة والقوة والنية)، ومادام متوفرا على هذه الصفات الكمالية وان كانت نسبية، إلا انه كلما ارتقى بها سيقترب من المعصوم حتى يتحد به، وتوحده بالمعصوم هو توحد بالله تعالى فتكون المعادلة (الله ـ المهدي ـ الموالي) وهم ذاتٌ واحدةٌ بثلاثة وجوه.
وهذه العقيدة تقترب كثيرا من عقيدة التثليث الهندوسية[1] ومن العقيدة المسيحية (الأقانيم الثلاثة) [2].
إن هذه العقيدة وكما هو واضح قد غلت في الإمام المهدي عليه السلام لترفعه إلى درجة الإلوهية حيث جعلته إلها ثان في الأرض.
هامش
--------------------------
1
ـ عقيدة التثليث الهندوسية: ـ
يعتقد الهنود بالثالوث من الآلهة الذين تسند لكل منهم مهمة بعينها والثالوث يتكون من (براهما ـ فيشنو ـ شيفا).
براهما / الخالق / وجه الحق المطلق ـ وهو أصل الوجود ـ نور الأنوار.
فيشنو/ الحافظ، الإله الممتلئ بالحب الذي يغذي العالم.
شيفا / إله القسوة والتدمير ـ المفني والمدمر والمهلك للعالم.
فاله الهندوس يرمز له بتمثال له ثلاثة وجوه، هي في الحقيقة ثلاثة صفات، ويعتبرونها ثلاثة آلهة متحدة في إله واحد، وقد انتقلت هذه العقيدة فيما بعد من الديانة الهندوسية إلى الديانة النصرانية.

أهم عقائد الهندوس:
أ‌ ـ الاتحاد والحلول
فمن لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء واطمأنت نفسه فانه لا يعاد إلى حواسه بل تنطلق روحه لتتحد بالآلهة (ابراهما).
ب‌ ـ وحدة الوجود
بما أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات كما يستطيع الحفاظ عليها أو تدميرها، فهو بهذا يتحد مع الآلهة لأنه يشبهها، فتصير النفس هي عين القوة الخالقة.، فالروح كالآلهة أزلية سرمدية مستمرة غير مخلوقة كالعلاقة بين شرارة النار وبين النار ذاتها وكالعلاقة بين البذرة والشجرة فهذا الكون كله ليس إلاّ ظهور للوجود الحقيقي، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا.
جـ ـ تناسخ الأرواح.
2
ـ الأقانيم الثلاثة: ـ
وهي (الأب ـ الابن ـ الروح القدس
فالأب هو الله من حيث الجوهر، وهو الأصل.
والابن هو الله من حيث الجوهر، وهو المولود.
والروح القدس هو الله من حيث الجوهر، وهو المنبثق.
أمّا طريقة الجمع بين الثلاثة فتتكفل بها عقيدة (الاتحاد والحلول) بين الرب والعبد.
وسنعرض أدناه جملة من هذه الممارسات المشينة على نحو المثال لا الحصر:
أ‌ ـ عملية إلغاء الذات أو نزع الذات: حيث يؤمر التابع بان يصلي عريانا، وهو هنا ينزع ذاته ويتوجه إلى الله عاريا من كل شيء، وهو يجب أن يطيع لان (المولى) ـ المسئول الحزبي إذا أمره فعليه الطاعة فلو قال له إن الشمس تشرق من المغرب فيجب عليه التصديق، وفي بعض الأحيان فان الإمام هو الذي يصلي عاريا بالمأمومين، وان على المأمومين أن يختبروا أنفسهم في تلك اللحظات فكل من يشك أو يستغرب أو ينفر من هذا المشهد فهنالك خلل في إيمانه عليه إصلاحه.
ب ـ يجيزون الزنا، والشذوذ الجنسي (اللواط والسحاق) وأخيرا تبادل الزوجات والزنا بالمحارم، وهو حديث شاع بصورة واسعة جدا عنهم، ويعتبر من أعلى مراحل التضحية للتعجيل بظهور الإمام.

2 ـ المعلم الأساسي الثاني في عقيدة هذه الحركة هو ادعاؤها بأن الإمام المهدي عليه السلام قد غاب عن الناس بشخصه لكنه ظهر بنائبه (السيد الممهد ـ اليماني) والذي هو سيد وزعيم هذه الحركة، وهنا أيضا طبّقت نظرية (الاتحاد والحلول) بين الإمام المهدي ونائبه اليماني، بل زادوا على ذلك إذ ادعوا إن الإمام المعصوم يتجلى في خمسة أشخاص هم علي بن الحسين، محمد ابن الحنفية، واليماني، وشخصان سرّيان وهؤلاء موجودون وهم يحرّكون الموالين للوصول إلى الإمام المعصوم، وهذا عين ما ذهبت إليه الفرقة (البهائية) المنحرفة المغالية إذ ادعت بان الله يتجلى لعباده من خلال أشخاص هم (برهما، بوذا، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد، وأخيرا (البهاء) زعيم البهائية)، وعقيدة التجلي من لوازم عقيدة (وحدة الوجود).
ويدّعي هؤلاء بان اليماني لا يظهر لأغلب أتباعه ومريديه إلا للخاصة منهم، وهذه الخاصة القليلة يقولون أن كبيرهم (اليماني) هو في طور الدعوة السرية، وانه لو أعلنها حاليا سوف يحارب من قبل علماء السوء حسب تعبيرهم والمقصود بهم (المرجعيات الدينية).
وعلى ضوء ذلك ستكون طاعته (السيد الممهد) طاعة للإمام المهدي، وبما إن وجود الإمام وجود لله تعالى إذاً ستكون النتيجة (طاعة اليماني هي طاعة لله)، وبما أن السيد الممهد وهو القائم مقام المهدي ففي هذه الحالة لا يجوز التشكيك والجدال والرد عليه لأنه بمثابة رد على الإمام الذي هو ظاهر بوليّه وهو الله تعالى.
3
ـ ولكن كيف يمكن للإمام المهدي ولليماني أن يحرّكا الأحداث؟ هنا يأتي دور (الموالين أو الأولياء) حيث يقولون، لابدّ من وجود معصوم يسيّر أمور العباد، ولابدّ لهذا المعصوم من نائب يمهد له الأمور وهو (اليماني) فلابد أذن من أن يكون لليماني (موالين) مؤيدين له يأخذون الأوامر والتعليمات منه, وهؤلاء الأشخاص الذين يلتقون باليماني هم (15) شخصاً وهم من الأولياء الذين قطعوا شوطا كبير في محاربة النفس وجهادها، ونظفوا قلوبهم من أدرانها ومن الهواجس والذنوب والأوهام، ويستدلون على ذلك بالآية الكريمة {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [سورة النساء: 59] حيث يذهبون إلى أن أولي الأمر هم (الأولياء) الذين نصل من خلالهم إلى المعصوم، فالآية في نظرهم غير مختصة بالأئمة عليهم السلام فقط، بل تشملهم، هم، أيضاً فكل شخص منهم لديه مجموعة من الأتباع يعدّونه من (أُولي الأمر). 
بل إنّهم يربطون معرفة المنهج (الأطروحة الإلهية) بقضية (الطاعة والتسليم) المطلق للموالين من اجل الوصول إلى معرفة الإمام المعصوم وهو مظهر تجلي (الرحمة الإلهية) لان حكومة العدل الإلهي لا تتحقق إلا بالإتباع والموالاة من الموالين إلى الأولياء إلى الباب وهو اليماني إلى المعصوم.
حيث لابدّ لكل موالي من مولى يكون هو المسؤول عنه من اجل أن يصل به كي يكون من القواعد الممهدة لظهور الإمام، وهو نفس نظام المرشد مع السالك في المدرسة الصوفية العرفانية.
وبناءاً على هذه العقيدة وعلى هذا الشحن المتواصل بضرورة الطاعة العمياء والانقياد المطلق، فإنهم يقومون بإدخال أتباعهم في دورات (غسل دماغ)، وبأساليب غاية في القسوة والغرابة لتمرينهم على الطاعة، حتى يتحول المنتمي لهم إلى (آلة) فاقدة لأي وعي أو إرادة أو رأي أو انتماء ـ عداهم ـ بعد أن تمارس معه عمليات الترويض وغسل الدماغ وبطريقة محترفة وغاية في المكر والدهاء تحكي خطورة واحتراف المشرفين على هذه العملية وجذورهم المخابراتية والأمنية.

4 ـ أما المَعْلم الرابع من معالم هذه العقيدة المنحرفة فهو الدعوة إلى الاهتمام بتطهير الباطن ورفع الأوهام من القلب وإتباع الحقيقة التي هي (طاعة المولى) لأنه المرتبط بالمعصوم، أما الأفعال الظاهرية للجوارح (كالعبادات والمعاملات) فإنها ليست ضرورية.
حيث يستدلون هنا بالآية الكريمة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [سورة الحجر: 99] بمعنى أن الغاية من العبادة هي الوصول إلى لحظة اليقين ثم عدم لزوم العبادة بعدئذ؛ لأنه بحصول اليقين يتحقق المبتغى من العبادة وهذا هو المدخل الذي يدخلون منه في دعواهم لإسقاط التكاليف الشرعية (الصوم، الصلاة، الحج، الزكاة وغيرها) باعتبارها أحكام ظاهرية غير مهمة ويجب أن تستبدل بتطهير الباطن لنصل إلى طاعة المولى والتي هي طاعة للمعصوم وبه نصل لليقين، وهم يمهدون لذلك بالدعوة لترك طلب العلم، طبقا لحديث النبي صلى الله عليه وآله (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء) [1]، ثم العمل على ترويض النفس حتى تصل إلى درجة اليقين عن طريق أذكار خاصة، مع محاربة النفس وعدم الانقياد لملذاتها وشهوتها من أكل وراحة، فهم يخالفونها حتى في الحلال، ونسوا قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [سورة الأعراف: 32]، وبالمخالفة للمباحات يكونوا قد حصلوا على درجة اليقين، عندها يقذف الله العلم في قلوبهم فيحصلوا على كل ما يريدون عن طريق الإلهام الرباني كما هو عند الأئمة المعصومين عليهم السلام الذين كانوا يعبدون الله حق عبادته.
ويكونوا بذلك مصداقا للحديث القدسي (عبدي اطعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكون) وإذن فإن الضابط في قياس درجة الوصول لليقين، هي القدرة على محاربة النفس وحرمانها من (الملذات والشهوات والطيبات من الرزق التي أحلها الله) ونسوا قصة النبي صلى الله عليه وآله مع جملة من أصحابه ممن ترك أهله وعياله وآوى إلى كهف في الجبل يعبد الله، حيث قال لهم (إنّا معشر الأنبياء نأكل الطعام وننام الليل ونتزوج النساء، ومن رغب عن سنتي فليس مني) [2].
وأن (لا رهبانية في الإسلام) [3]، ثم إن كان في ذلك كرامة فالأنبياء أحق بها.
5
ـ الدعوة العلنية والواضحة لإسقاط التكاليف والأحكام الشرعية وبهذا يتحول الأتباع بأيديهم إلى آلات وأشخاص ممسوخين فقدوا ارتباطهم بمجتمعهم وتمردوا على كل انتماءاتهم وتخلوا عن كل المنظومة القيمية (الدينية والأخلاقية والوطنية وحتى العاطفية)، وبذلك يكونوا قد تأهلوا للمرحلة الأخيرة وهي مرحلة إكثار الفساد في الأرض للتعجيل بظهور المهدي عليه السلام.
6
ـ يؤمنون بضرورة (إرغام النفس على ما تكره) كنوع من أنواع التربية والترويض ويعتبرونه (الجهاد الأكبر) فالنفس المؤمنة تكره ارتكاب المعاصي، ولذلك لابدّ من مخالفتها بارتكاب هذه المعاصي. وذلك للتعجيل بظهور الإمام المهدي عليه السلام وكلما كانت المعاصي اكبر كان الظهور أسرع، وهذه هي فلسفة إكثار الفساد.
وفي هذا يلتقون مع فرقة الإسماعيلية الأغاخانية (الحشاشين) ومع عقائد (البابية والبهائية) ومع جماعة الحجتية في إيران، والتي كانت تدّعي إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيؤخر ظهور الإمام، وعليه فلابدّ من استفزازه ليظهر سريعا.
إن الثمرة النهائية لكل ما سبق في الوصول إلى درجة اليقين ثم ترك التكاليف، وإكثار الفساد في الأرض مع جملة من الرياضات الروحية هو رؤية الإمام المهدي عليه السلام.
(
فإنّ من يؤمن ويصفّي نيته فسيؤهل لرؤية الإمام المهدي عليه السلام، فلا داعي للعلماء والمراجع والتقليد والشريعة).

هامش
------------------
1
ـ حديث قدسي معروف. وفي مستدرك الوسائل ج11 ص259 ب18 ح11 عن الديلمي في ارشاد القلوب: يا بن آدم، أنا حي لا أموت، أطعني فيما أمرتك، حتى أجعلك حيا لا تموت، يا بن آدم، أنا أقول للشئ كن فيكون، أطعني فيما أمرتك، أجعلك تقول للشئ كن فيكون. وفي عدة الداعي لابن فهد الحلي ص 291: يا ابن آدم أنا فقير لا أفتقر أطعني فيما أمرتك أجعلك غنيا لا تفتقر يا ابن آدم انا حي لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا لا تموت يا ابن آدم أنا أقول للشئ: كن فيكون أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشئ: كن فيكون.

2 
ـ جاء في زبدة البيان للمحقق الأردبيلي ص622: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه وصف يوم القيامة لأصحابه يوما وبالغ في إنذارهم فرقوا فاجتمعت جماعة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون واتفقوا على أن لا يزالوا صائمين قائمين، وأن لا يأكلوا اللحم ولا يناموا على الفراش، ولا يقربوا النساء والطيب ويرفضوا لذات الدنيا ويلبسوا المسوح أي الصوف ويسيحوا في الأرض أي يسيروا فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فقال لهم: إني لم أومر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا، فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، والرواية مشهورة.

3
ـ مستدرك الوسائل ج14 ص155 ح2 نقلا عن دعائم الإسلام ج2 ص193ح701.

 

ب ـ العقائد الثانوية:
1
ـ يؤمنون بأنهم خارقون ومحروسون من الإمام واليماني والموالين.
2
ـ عند الزيارة لا يزورون المراقد المقدسة.
3
ـ لا يهتمون للصلاة ومواقيتها ويتعاملون معها بإهمال، فهم يقرؤون ورقة فيها بضعة كلمات في فترة الصلاة تعتبر عندهم مجزية عن الصلاة.
4
ـ يدّعون إن يوم ظهور المهدي عليه السلام قريب جدا ويكون في الكوفة في يوم حظر للتجوال.
5
ـ يدّعون إن اليماني موجود بينهم وهو إنسان بسيط وفلاح.
6
ـ ممارسة السحر والشعوذة والادعاء بأنها كرامات كي يخدعوا بها السذج والبسطاء.
7
ـ التماس الأعذار لجرائم الإرهابيين بحق الشيعة، واعتبارها أرادة إلهية، وأنّ من يقتلهم الإرهابيين لا يريدهم الإمام؛ لأنّهم أناس غير صالحين، وأنّ علينا أن نستغفر لهؤلاء الإرهابيين وأن لا نؤذيهم؛ لأنّ الإمام لا يرضى أن نؤذي أحدا، ومن ناحية أخرى تكفير عموم الشيعة ممن يختلفون معهم.
إن الملاحظ على جميع هذه الحركات أنها متعاطفة مع الجماعات الإرهابية، وكذلك فإنّ أعدادا كبيرة من السنّة ينتمون إليها ويعملون في صفوفها رغم الاختلافات العقائدية، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة تدعو للتأمّل والبحث حول دور بعض الجهات الإرهابية والبعثية في صناعة وتسيير ورسم خطوات هذه الحركات.
فليس مستبعدا في النهاية وبمقاييس العمل المخابراتي أن يكون اليماني الذي يسيّر هذه الحركات هو أحد عتاة الوهابيين أو البعثيين من أمراء الإرهاب والذبح.
نماذج من ممارساتهم المنحرفة:
إن الإنسان الذي يعتقد بإسقاط جميع التكاليف الشرعية، وضرورة إكثار الفساد في الأرض للتعجيل بالظهور, سيكون قطعا مستعدا لفعل أي شيء يؤمر به أو يطلب منه، خاصة بعد تعرضه لعمليات غسل دماغ وترويض على الطاعة حولته إلى جهاز ينفذ فقط وفقط، لذلك فلا غرابة فيما يصدر من هؤلاء من أفعال مشينة يأباها العقل والذوق والفطرة السليمة، فهم أشبه ما يكونوا (بالإنسان المسيّر). 

مصادرهم في التلقي

أما أهم مصادر المعرفة والفكر الديني والعقيدي عندهم فهي: 
1 ـ التأويل الباطني للقران:
حيث تُأول الآيات حسب الأهواء وليس وفق ضوابط التفسير وعلوم اللغة والحديث وباقي العلوم الشرعية، معتمدين في ذلك على حديث (إن للقرآن ظاهر وسبعون باطن) [1] وهو إن صحّ فإن المقصود فيه بمعرفة ظاهر القرآن من باطنه هو العلماء والمجتهدين والمفسرين وذوي الاختصاص من أصحاب اليد الطولي في هذه العلوم، وليس أشخاص مغمورين ومجهولين تحوم الشكوك والشبهات حول ماضيهم وحاضرهم.
وهم برفعهم لشعار (السبعون باطن) إنما يطلقون العنان لأنفسهم كي يصولوا ويجولوا ويحرفوا الكلم عن مواضعه ويؤولوا بما تشتهيه أنفسهم من غير رقيب ولا حسيب، فتكون ليلة القدر (فاطمة الزهراء عليها السلام) ويكون {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [سورة الرحمن: 19] (علي وفاطمة عليهما السلام) وتكون {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (النبي محمد صلى الله عليه وآله) {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} (علي عليه السلام) {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا} (الحسن والحسين عليهما السلام) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}[سورة الشمس: 1 ـ 4] هم (الأمويون)، وهكذا إلى ما لانهاية من هذه الأفكار.
2
ـ اقتناص الروايات العامة والمتشابهة حول قضية الإمام المهدي عليه السلام ليقوموا بتوظيفها بالاتجاه الذي يريدون للاستدلال على مدعياتهم.
3
ـ يستندون على دعواهم المغالية بالخطبة التطنجية أو خطبة البيان المنسوبة إلى الإمام علي عليه السلام، وهي خطبة ظاهرة في الغلو والشرك، إذ ترتفع بالإمام علي عليه السلام إلى درجة الإلوهية، وقد كانت هذه الخطبة ومنذ القدم رافدا من روافد الغلو ومصدرا لأفكار الفرق المنحرفة والمغالية، وقد أعلن أكثر العلماء وأخيرا السيدين الخوئي (رحمه الله) والسيستاني (حفظه الله) أن لا صحّة لنسبتها إلى الإمام علي عليه السلام (فهي من موضوعات الغلاة).
4
ـ ادّعاء اللقاء المباشر بالإمام المهدي عليه السلام والأخذ عنه، وفي هذه الحالة فلا حاجة للقرآن والحديث والأحلام والكشوف، ماداموا يلتقون بالمعصوم ويأخذون عنه.
5
ـ الأثر الصوفي والعرفاني واضح التأثير في أدبياتهم وأفكارهم ومناهجهم فهم يستدلون على عقائدهم بالمكاشفات والأحلام والإلهامات وغيرها من الأدلة غير القابلة للإثبات، ولكنهم قد حرّفوه عن منهجه الصحيح والذي هو تعميق الإيمان بالله والالتزام بالشريعة والزهد في الدنيا، ليتحول على أيديهم إلى منهج للشرك في نظرية (الاتحاد والحلول)، ولإسقاط التكاليف الشرعية بدل تعميقها، ولإشعال الفتن بين أبناء الأمة وتنفيذ مخططات الأعداء والمتربصين وإسقاط العملية السياسية والحكومة الشرعية المنتخبة، بدل الزهد في الدنيا وتقوى الله.
6
ـ تعتبر (الموسوعة المهدوية) للسيد محمد الصدر رحمه الله مصدرا رئيسياً لأفكارهم العقائدية حيث حاولوا توظيف الأفكار الواردة فيها توظيفاً سيئاً لم يقل به صاحبها رحمه الله.
هامش
------------
1
ـ يذكر السيد كمال الحيدري: ورد عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله أنّه قال: إنّ للقرآن ظهراً وبطناً، ولبطنه بطناً إلى سبعـة أبطن، وفـي رواية: إلى سبعين بطناً، وفي أُخرى: سبعين ألف بطن. نصّ النصوص الآملي: ص72؛ جامع الأسرار ومنبع الأنوار: ص104، 530، 610.

2
ـ مناهج البحث والمعرفة الدينية عند المسلمين
هناك اختلاف وتعدد في (الرؤى الكونية) أي النظرة إلى (الله، الإنسان، العالم)، والتي يصطلح عليها بـ (العقائد) أو علم (أصول الدين).
وينبثق عنها (الإيديولوجيات) وهي الأفكار والقواعد القانونية والأخلاقية التي تتعلق بسلوك الإنسان مع الناس من حوله والقوانين الشرعية التي تحكم العلاقة بينه وبين الله (العبادات) ومع الآخرين (المعاملات) وهو ما يصطلح عليه بـ (علم الأخلاق) وعلم الفقه (فروع الدين).
إن اختلاف الرؤية العقائدية سيؤدي حتما إلى اختلاف السلوكيات الفقهية والأخلاقية للبشر، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف تكونت هذه (الرؤى الكونية) وكيف تشكلت المنظومة العقائدية للبشر والمسلمين منهم خاصة.
الحقيقة إن طبيعة الأدوات المدرسية التي تستعمل في عملية البحث إنما تحددها طبيعة المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها الباحث، وهي التي تحدد (الرؤية الكونية) التي سينتهي إليها في بحثه.
لقد اختلفت مذاهب المسلمين في اختيارها للطرق الموصلة إلى هذه الأهداف إلى خمسة طرق، تختلف كل واحدة منها عن الأخرى في طبيعة الأدوات التي تستعملها للوصول إلى الحقيقة، واهم هذه الطرق أو المناهج أو المدارس هي : ـ
1
ـ المنهج (العقلي) ـ البرهان ـ حيث يتم فيه الاستناد على الاستدلالات العقلية، وهو منهج الفلاسفة، وقد آمن به المعتزلة من المسلمين.
2
ـ المنهج (النقلي) ـ القران ـ ويعتمد في استدلالاته على الظواهر الشرعية والحقائق الدينية،وهو منهج أهل الحديث والسلفية.
3
ـ المنهج (الكلامي) ـ والاستناد فيه على الجمع بين (العقلي والنقلي) ـ القران والبرهان، وهو منهج الإمامية والزيديـة مـن الشيعة، والأشاعرة من السنّة (وهم جمهور أهل السنّة).
4
ـ المنهج الوجداني (العرفان)، حيث يستند على المكاشفات العرفانية وهو منهج الصوفية.
5
ـ المنهج (التلفيقي) (العقل والنقل والكشف)، وهو منهج الإسماعيلية من الشيعة، والمدرسة الشيرازية عند الشيعة الإمامية ـ مدرسة الملا صدرا الشيرازي.

الخطاب السياسي
التمويل ـ مجال الحركة

إن خطابهم السياسي تكفيري تخويني معارض للوضع الجديد في العراق بكل تفاصيله، بل انه يكاد أن يتطابق مع الخطاب التكفيري الوهابي (للقاعدة) في سعيه لإسقاط العملية السياسية، بل ويتطابقان حتى في تكفير عموم الشيعة وتجويز قتلهم، وأهم معالم هذا الخطاب ما يلي:
1
ـ يتفقون على الحط من شأن مراجع الدين، ويعتبرون تقليدهم باطل، ويثقفون أتباعهم على أن الإمام إذا ظهر سوف يقتل جميع العلماء؛ لأنهم علماء ظلال، (وان ما لم يتحقق في الزركه سوف نحققه، وان أيام السستاني واليعقوبي ومقتدى وعبد العزيز باتت قريبة) كما يزعم احد قادتهم.
2
ـ معاداة الديمقراطية ونظام الانتخابات.
3
ـ رفض الدستور.
4
ـ معاداة العملية السياسية بكل تفاصيلها.
5
ـ الإيمان بمبدأ العنف المسلح، ولديهم ميليشيات.
6
ـ تجويز استهداف الجيش والشرطة.
7
ـ لهم اتصالات مع المجاميع الإرهابية (الوهابية)، ومع بعض القوى السياسية المعادية للحكومة.
تمويلهم:
تقوم الحركة بتمويل نفسها بالطرق التالية:
1
ـ التمويل الذاتي والتبرعات.
2
ـ يقوم بتمويل هذه الحركة رموز (بعثية وطائفية) كبيرة داخل العراق.
3
ـ دعم خليجي (سعودي ـ إماراتي ـ قطري) مفتوح.
المجال الحيوي لهذه الحركة:
1
ـ تنشط في بغداد (الشعلة ـ الكرادة ـ بغداد الجديدة ـ الكاظمية ـ مدينة الصدر ـ الكريعات).
وفي المحافظات (الحلة ـ واسط ـ الناصرية ـ العمارة). 
2
ـ لها علاقات وثيقة، وتداخل بين قواعدها وقياداتها مع كل من:
أولا ـ حركة أنصار المهدي: للمدعو احمد الحسن اليماني والتي مقرها (البصرة) ولها امتدادات في كل المحافظات الوسطى والجنوبية.
ثانيا ـ حركة جند السماء: حيث انضم الكثيرون من بقاياهم إليها.

آليات عملهم التنظيمي

أولا ـ شروط وصفات مريديهم:
1
ـ إن يكون ضعيف الارتباط بالعلماء ليسهل الحط من مقامهم عنده، لذلك فقد ركزوا على المنتمين لبعض الفئات من ضعيفي الارتباط بالعلماء.
2
ـ أن يكون قليل الثقافة الدينية ليصبح وعاء تلقّي فقط (قليل الثقافة بصورة عامة، أو جاهل بالعلوم الدينية خاصة).
3
ـ أن يكون شديد العاطفة لآل البيت عليهم السلام ليكون شديد الولاء لحركتهم.
4
ـ أن يكون ممن يعاني من عقدة الاضطهاد والظلم، وكذلك الفقر، ليكون مهيئاً للتمرد.
5
ـ أن يكون ممن يؤمن ويعتقد بالأحلام والرؤيا والجن والسحر والغيبيات لان لديهم وسائل إقناع من هذا النوع.
وباختصار فإن خطابهم موجه في الدرجة الأولى لفئة الشباب الذين تجتمع فيهم الصفات التالية:
(
ضعف الارتباط بالعلماء ـ الجهل ـ الفقر ـ الإحساس بالمظلومية ـ الاستعداد للتمرد ـ البحث عن منقذ).
ثانيا ـ طريقة الكسب:
يقوم الداعي، وهو حلقة الوصل بين الباب والمريد باختيار المريد الجديد ضمن المواصفات آنفة الذكر، ويلقّنه بعض العقائد والأفكار (الخاصة بالحركة) مبتدءا بقوله: 
إنني لم أفاتحك من تلقاء نفسي بل إني مرسل من الإمام المهدي عليه السلام دون أن يوضح له كيفية الإرسال وآليته، وكذلك يوهمه بأنه شخص مهم وفرد مهيأ ليكون من أصحاب الإمام عليه السلام، ثم يشوقه ويعطيه مقاما أعلى من مقامه وفي نفس الوقت يحط من باقي الناس في نظره وينعتهم بأنهم لا يعلمون، وبعد التشويق والترغيب يعده بإيصاله إلى الباب (باب الإمام) وهو من خواص السيد اليماني ومن المقربين عنده، ولكن ينبهه بأنه في حالة اختبار فلا يجوز له في هذه المرحلة أن يناقش أو يعترض أو يستفهم عن شيء، بل عليه الاستماع والإنصات وإظهار الأدب والاحترام، وفعلا يتم اللقاء بين المجموعة التي تتكون من (الباب + الداعي (المولى) + المريد الجديد (الموالي) ويؤطر هذا اللقاء بطقس ديني خاص بهم يميزهم عن باقي الناس، ألا وهو الذهاب إلى كربلاء سيرا على الأقدام في غير أوقات الزيارة ابتداء من مدينة (الهندية)، عندها يقوم (المولى ـ المسؤول الحزبي) بسرد العقائد والأفكار لهذه الحركة بدون أن يذكر له هيكليتها ولا الشخص المسؤول عنها، ويشترطون عليه المبيت في بيت (السيد) الواقع على الطريق بين كربلاء والهندية، ويطلبون منه قبول ما سمع ورأى، وعندها يصبح احد أفراد هذه الحركة، وأخيرا يخصصون له ذكر خاص في وقت معين وعدد محدد من الأذكار وسجود وتفكير خاص، ويوصونه بعدم البوح بهذا اللقاء لأحد بما شاهد وسمع وكتمان هذا الأمر كي لا يؤخر الظهور المقدس للإمام المهدي عليه السلام، وبذلك يغلقون عليه كل منافذ العلم والمعرفة.
ومن ناحية أُخرى يوصون الأتباع الجدد بان يقوموا بأكل الخبز اليابس، وعدم أكل اللحوم، والزهد في الدنيا، والتقرب إلى الله وحده (لكسب قلوبهم) وإيهامهم بتقوى وورع وزهد قادتهم ليتحولوا إلى أتباع مطيعين وبصورة عمياء.
ثالثا ـ أساليبهم في كسب الناس:
إن طريقة كسب الناس لهذه الحركة تكون على ثلاثة مراحل:
1
ـ الإيهام: فإنهم يوهمون مريديهم بأنهم ضالين ومنحرفين عن طريق الحق وأنهم بحاجة إلى من يهديهم
2
ـ الاستدراج: ثم يستدرجونهم بفك الارتباط بالعلماء، وعدم الاعتقاد بهم والحط من شأنهم.
3
ـ التلقين: وهو ثلاث مراحل أيضاً (تسبيحات ثم محاضرات ثم زيارة) :
أ ـ في البدء يلقنونهم مجموعة من الأوراد والأذكار والتسبيحات، ثم يوجهونهم للتفكر في خلق السماوات والأرض، وهذه تستمر عدة أسابيع.
ب ـ ثم يدخلوهم في دورات ثقافية عقائدية مكثفة وحسب مستوياتهم.
جـ ـ وأخيرا تبدأ مرحلة (الزيارة) مشياً على الأقدام إلى الإمام الحسين عليه السلام، حيث يقضون الطريق بالتسبيح والتلقين العقائدي... وطرق التلقين عندهم، إمّا من طويريج إلى كربلاء أو من خان النصف إلى كربلاء أو من زيد بن علي إلى النجف، وهناك طرق كثيرة غير معروفة.
إن من يجتاز هذه المراحل سيكون مؤهلاً لان يدعو الآخرين للعقيدة الجديدة أو ما يسمونه (التوسع) أي الكسب، فإذا نجح في كسب مجموعة من الأشخاص وأحسن تهيئتهم وإعدادهم فانه سيصبح (مولى) أي مسؤول خلية بالمصطلح الحزبي المتعارف.
رابعا ـ أساليبهم في غسل الدماغ:
1
ـ الدعوة لترك طلب العلم لأنه غير نافع في زمن المعصوم وهو أسلوب لإغلاق ذهن المتلقي عن المصادر المعرفية الأخرى، والتي قد تفضح أكاذيبهم، ويستدلون على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وآله (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء)، وهذا بالطبع يتوافق مع منهجهم المعرفي الصوفي الذي يؤكد على (الحدس والكشف والشهود) وليس على العلم والثقافة والدليل والعقل.
2
ـ تسقيط المرجعيات الدينية، للتخلص من مشكلة العلماء الذين يردون عليهم (بالحجة والدليل) والادعاء بأن العلم علمان ـ إحاطة وأخبار، وان علم الإخبار هو حصة الفقهاء بينما علمهم هو علم إحاطة لان المعصوم بينهم.
3
ـ تدريب المنتمين لهم على الطاعة المطلقة.
4
ـ الدعوة لإسقاط التكاليف وإكثار الفساد.
وهنا فإنهم يمارسون عملية هدم وبناء في وقت واحد هدم للبنى القديمة وبناء للبنى الجديدة.
خامسا ـ فكرهم التنظيمي:
1
ـ تنظيماتهم عنقودية وعلى درجة عالية من الدقة.
2
ـ الدعوة عندهم هذه الأيام سرية بانتظار تكامل إعدادهم.
3
ـ أفكارهم تقترب بكثير من أفكار (جند السماء).
4
ـ سياقات العمل التنظيمي دقيقة وشديدة السرية.
5
ـ تعتبر قضية الطاعة المطلقة والتسليم الكامل (روح هذه الحركة) أنها تريد إتباع (من غير عقل أو نظر أو سمع أو لسان) كي ينفذوا ما تريده منه وإن كان ضد العقل والعاطفة والدين والوطن والأسرة، حيث يتحولوا إلى ما يشبه (الآلات) الصماء البكماء أو الإنسان المسير الفاقد لكل إحساس وشعور، كي يتم تفجيره في المكان والزمان المحدد.
6
ـ ومن اجل قياس درجة الطاعة والولاء التي وصلها أتباعهم، فإنهم يقومون بين فتره وأخرى بإجراء امتحانات ميدانية لهم، فمرة ابلغوهم بضرورة أن يتبرعوا بكل ما يملكون، وفعلاً فعلها الكثيرون منهم، وفي اليوم التالي أعادوها لهم، ومرة أمروهم بعدم الصيام في رمضان، وفعلوها، ومرة أمروهم بتطليق نسائهم وفعلها الكثيرون، وهكذا.

الهيكلية التنظيمية

سلم التدرج التنظيمي للكوادر (الموالي) 
ق4 / مولى مسؤول خلية (20 ـ 30) فرد
ق3 / مولى مسؤول خلايا
ق2 / مولى مسؤول التنظيم العام / وصي الإمام
ق1 / الإمام الحجة وهو المولى رقم (1) 
سلّم التدرج التنظيمي للقواعد:
ت / عنصر جديد.
ج لم2 / جاهز لم يزور
ج لم1 / جاهز زائر
ج ز / مهيأ لتلقي التبليغ
المسؤول يسمى (مولى) وجمعها (أولياء)، أمّا العضو في التنظيم ويسمى (موالي) والجمع (موالين).

المبحث الثالث
مناقشات وردود

تعرضّنا فيما سبق لأهم عقائد الحركات السلوكية المنحرفة، وللشعارات المظللة التي رفعتها، والأدوار المشبوهة التي تمارسها في الساحة العراقية، في سعي منها ومن المشرفين عليها من خارج الحدود لتمزيق المجتمع الشيعي من الداخل وإسقاط العملية السياسية التي يقودها الشيعة.
إن الهدف الرئيسي لكل ذلك هو إضعاف الكيان الشيعي بصوره عامة، وإجبار السياسيين الشيعة على التوقيع على التنازلات المطلوبة منهم، والتي ستكون على حساب حقوقهم المشروعة، تلك الحقوق التي حصلوا عليها بعد بحار من الدم والتي تتناسب مع كونهم الأغلبية في العراق. ومن المؤكد أن جميع هذه (الجهات والتيارات والمجاميع) ستذوب وتنتهي بمجرد أن يتم التوقيع على التنازلات الكبرى المطلوبة؛ لأن دورها سيعتبر منتهياً، وأنها قد حققت الهدف المطلوب من إيجادها.
إن الرد على العقائد المنحرفة لهذه الحركات، وفضح نواياها ومخططاتها، وكشف امتداداتها المشبوهة، وتوضيح خطرها على الأمن الوطني العراقي، بحاجة إلى تضافر جهود الكثير من العلماء والمثقفين والسياسيين ووجهاء الأُمّة وقادة الرأي فيها؛ لأنه من غير الممكن الوقوف بوجه هذه المؤامرة العالمية والإقليمية بجهود فردية مبعثرة، وغير مبنية على إستراتيجية متكاملة لمواجهة هذه الريح السوداء، وهذه الموجة الظلامية التي تستهدف تدمير كل بنى الأُمّة الحضارية والدينية والأخلاقية والعمرانية والبشرية.
ولكن ولأن ما لا يدرك كله لا يترك كله، سنفرد بضعة صفحات للرد على هذا المنهج المشبوه وحسب الطاقة، علما أن هناك الكثير من الردود قد وردت في ثنايا البحث:
أولاً ـ عقيدَتي الاتحاد والحلول ووحدة الوجود:
1
ـ إن هذه العقائد من عقائد الأُمم الوثنية والمشركة، كما بيّنا فيما سبق.
2
ـ إن خلاصة ما تدعو إليه هذه العقائد هو أن الله والإنسان شيء واحد في الأصل (وحدة الوجود)، أو أنهما يمكن أن يكونا شيئاً واحداً (الاتحاد والحلول).
3
ـ إن هذه العقائد تعد مخالفة ومتناقضة تماماً مع عقيدة التوحيد.
4
ـ إن الإيمان بهذه العقائد إنما يؤكد مذهب (الجبرية) باعتبار أن تصرفات الإنسان تصرفات معصومة لأنها إلهية في الحقيقة، فلا حساب ولا عقاب ولا جنة ولا نار.
ثانياً ـ إسقاط التكاليف:
الغريب والعجيب والمريب في أصحاب هذه العقائد أنهم يؤمنون بان وصولهم إلى درجة اليقين يوجب سقوط التكاليف عنهم، وفي الحقيقة ليس هناك من دليل على ما يقولون غير الأهواء النفسية والعقائد المنحرفة. وإلاّ فأن الإمام الذي يعتبرونه قدوتهم ويعتبره المتصوفة رائدهم وهو القائل (لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً) [1] أي انه قد وصل إلى أعلى درجات المعرفة بالله تعالى، ومع ذلك كان وحتى يوم شهادته من أكثر الناس بعد رسول الله (عبادة). بل روي انه عليه السلام ما كان يشعر بالأشياء من حوله إذا ما كان قائما في محراب الصلاة، هذا الإمام لم تشغله حالة اليقين عن عبادة الله، بل زادته تمسكا بها، وهؤلاء الأئمة من ولده عليهم السلام فإنّهم قمم في الالتزام بالعبادات وحث الناس عليها، وكانت آخر وصاياهم لأتباعهم ضرورة المواظبة عليها، وإمامنا علي بن الحسين عليه السلام خير مثال على ذلك، وهو الذي أصبح مضرب الأمثال في عبادته حتى سمّي بـ (زين العابدين) [2].
ولو عدنا إلى المدرسة التي ينطلق منها دعاة (السلوكية) ألا وهي مدرسة (التصوف والعرفان) لوجدنا أن العرفاء الحقيقيون يزدادون التزاما بعباداتهم كلما ازدادوا انغماسا واندكاكا بعرفانهم، والسيد عبدالأعلى السبزواري رحمه الله والسيد محمد الصدر رحمه الله مصاديق لما نقول.
ولم نسمع بظاهرة أن الوصول إلى درجة اليقين يوجب إسقاط التكاليف، إلا ما كانت تفعله (فرق الغلاة) في القرون الماضية.
وهو ما يؤكد وجود نوعين من التصوف، (التصوف الشرعي المعتدل) الذي يربي على تهذيب النفس والإخلاص في العبادة والتعود على الزهد، و(التصوف المنحرف الشركي) المتأثر بعقائد الديانات السابقة والأُمم المشركة.

هامش
-----------------
1
ـ شرح ابن أبي الحديد ج7 ص253 وج10 ص142 وج11 ص179 وص202 وج13 ص8.
2
ـ ذكر السيد هاشم البحراني رحمه الله في مدينة المعاجز ج4 ص 252 ح 31 عن الشيخ المفيد رحمه الله في إرشاده بسنده عن سعيد بن كلثوم، قال:كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، فذكر أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فأطراه ومدحه بما هو أهله ثم قال: والله ما أكل علي بن أبي طالب من الدنيا حراما قط، حتى مضى لسبيله، وما عرض له أمران قط هما لله رضا إلاّ أخذ بأشدهما عليه في دينه، وما نزلت معه برسول الله صلى الله عليه وآله نازلة قط إلاّ دعاه ثقة به، وما أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه الأمّة غيره، وإنه كان ليعمل عمل رجل كأن وجهه بين الجنة والنار، يرجو ثواب هذه، ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النار، مما كد بيديه ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخل والعجوة [نوع من التمر]، وما كان لباسه إلا الكرابيس [الثوب الخشن] إذا فضل شئ عن يده من كمه دعا بالجلم [المقراض] فقصه، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه، من علي بن الحسين عليهما السلام ولقد دخل أبوجعفر ابنه عليه السلام عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه وقد اصفر لونه من السهر، وومضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وقد ورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة. فقال: أبوجعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء، فبكيت رحمة عليه، وإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي، فقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام، فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا، ثم تركها من يده تضجرا، وقال: من يقوى على عبادة علي عليه السلام. 
ورواه أبو علي الطبرسي في إعلام الورى أيضا. انظر الإرشاد للمفيد: 255، إعلام الورى: 254 ـ 255 وأخرجه في كشف الغمة: 2: 85 والبحار: 46: 74 ح 65 والوسائل: 1: 68 ح 18 والعوالم: 18: 90 ح 2 وحلية الأبرار: 2: 222 ح 15 عن الإرشاد، وصدره في البحار: 41: 110 ح 19 وقطعة منه في الوسائل: 3: 370 ح 2.

 

ثالثاً ـ إكثار الفساد للتعجيل بظهور المهدي:
وهذه قاصمة الظهر، وهنا نقول، أين عقولهم، أين الفطرة السليمة، كيف يطاع الله من حيث يعصى، ثم أيعقل أن يكون ظهور المهدي عليه السلام ظهوراً ارتجالياً تضطره إليه ردود أفعال على ممارسات منحرفة لبضعة آلاف من الشيعة؟!! أم أن ظهوره يكون وفق مخطط كوني شامل رسمت القدرة الإلهية معالمه.
ثم إن الفساد المقصود هنا هو الفساد بمعناه العام الذي يشمل الفساد الأخلاقي وغيره، أي الفساد الحضاري والبشري عموماً إذا جاز التعبير، وهيمنة القوى الطاغية والمتجبرة على مصير البشرية.
رابعاً ـ ظهور المهدي والسفارة عنه في الروايات:
إن الدليل الوحيد الملموس والحجة التي يعتمدها أصحاب الدعوات المهدوية والسفارات عن الإمام المهدي عليه السلام، هي الروايات التي تتعرض لقضية الإمام المهدي عليه السلام، وهذه الروايات كثيرة جداً وأكثرها متشابهة، وفيما لو أحسنّا الظن، فان قلّة بضاعة هؤلاء الأدعياء من فقه الإسلام وأصوله وعدم تعمقّهم في العلوم الإسلامية واللغوية، الأمر الذي جعلهم (يأخذون بعض النصوص دون بعض) أو يأخذون (بالمتشابهات وينسون المحكمات) أو يأخذون (بالجزئيات ويغفلون عن القواعد الكلية) أو يفهمون بعض النصوص فهماً سطحياً سريعا، ثم إن الإخلاص وحده لا يكفي صاحبه ما لم يسنده فهم عميق لشريعة الله وأحكامه، وإلاّ وقع فيما وقع فيه الخوارج من قبل، ولذلك كان الأئمة عليهم السلام يوصون بطلب العلم قبل التعبد ومعه وبعده (فالعامل على غير علم كسالك على غير طريق[1] ، والعامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح[2] ، وان قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم، حتى خرجوا على إمام زمانهم (الإمام علي عليه السلام) ولو كانوا طلبوا العلم لما فعلوا ما فعلوا[3] ).
هامش
--------------
1 
ـ عن أميرالمؤمنين عليه السلام: العامل بغير علم كالسائر على غير طريق. شرح ابن أبي الحديد ج9 ص175.
2
ـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله: العامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح.ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص2093، باب خطر العمل بلا علم.
3
ـ الموجود هكذا: اطلبوا العلم طلبا لا تضروا بالعبادة واطلبوا العبادة طلبا لا تضروا بالعلم فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا. جامع بيان العلم وفضله، ابن عبدالبر ج1 ص136. والقضية واحدة.

 

ويبقى الاعتماد على الروايات المتشابهة هو أكثر الوسائل التي اعتمدتها هذه الفرق المنحرفة، فما هو المتشابه؟
إن المتشابه: هو ما كان محتمل المعنى وغير منضبط المدلول، أما المُحكم فهو البيّن المعنى الواضح الدلالة المحدد المفهوم.
وقد دأب أصحاب هذه الدعوات المنحرفة على توظيف المتشابه من الروايات للاستدلال بها على عقائدهم الفاسدة، فيما كان القرآن الكريم وروايات أهل البيت عليهم السلام تؤكد على الالتزام بالمحكمات وترك المتشابهات.
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
{
هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} [سورة آل عمران: 7] .
وعن الإمام الرضا عليه السلام: من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم، ثم قال: إن في أخبارنا محكم كمحكم القرآن ومتشابه كمتشابه القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا[1].
(
إن الروايات الواردة في تفاصيل علائم الظهور هي كغيرها من الروايات الواردة عنهم عليهم السلام لابد في البناء عليها من الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص لأجل تمحيصها وفرز غثّها من سمينها ومحكمها من متشابهها، والترجيح بين متعارضاتها ولا يصح الاعتماد في تحديد مضامينها وتشخيص مواردها على أساس الحدس والظن فإن الظنّ لا يغني من الحق شيئاً. وقد اخطأ في أمر هذه الروايات فئتان:
الأولى‌ ـ فئة شرعوا في تطبيقها واستعجلوا في الأخذ بها ـ على حسن نية ـ من غير مراعاة للمنهج الذي يجب مراعاته في أمثالها، فعثروا في ذلك ومهّدوا السبيل من حيث لا يريدون لأصحاب الأغراض الباطلة.
إنّ الناظر المطلع على ما وقع من ذلك يجد أن بعض الروايات قد ادعى البعض انطباقها عليه أكثر من مرة وفي أزمنة مختلفة، وقد ظهر الخطأ فيها كل مرة، ثم يعاد إلى تطبيقها من جديد.
الثانية‌ ـ فئة أخرى من أهل الأهواء، فإنه كلما أراد أحدهم أن يستحدث هوى ويرفع راية ضلال ليجتذب فريقاً من البسطاء والسذج إختار جملة من متشابهات هذه الروايات وضعافها وتكلف في تطبيقها على نفسه وحركته، ليخدع الناس بالدعاوي الباطلة فيوقع في قلوبهم الشبهات) [2] .
هامش
--------------
1
ـ وسائل الشيعة، الحر العاملي ج27 ص115 ب9 ح22.
2
ـ جواب للسيد السيستاني حفظه الله على سؤال لمركز الأبحاث التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام. مصدر الكتروني (هنا)

 

خامسا ـ علنية الظهور بالحجة البالغة والنصر الإلهي
إن الإمام عليه السلام حين يظهر يكون ظهوره (مقروناً بالحجة البالغة والأدلة الظاهرة)، و(محفوفاً بعنايته سبحانه، مؤيداً بنصره)، وهو ما تؤكده روايات الظهور.
سادسا ـ كثرة المدّعين:
لقد ادعى صفة المهدوية أو السفارة عن المهدي عليه السلام عبر التاريخ أشخاص كثر، ربما كان في زمن واحد أكثر من مدّعي، وجميعهم بان بطلان دعواتهم، وفي ذلك عبرة لأولي الألباب.
سابعاً ـ مكان الظهور:
لقد تواترت الروايات عن أهل البيت عليهم السلام بان ظهور المهدي عليه السلام في مكة، وعند البيت الحرام بعد فتنة كبيرة تضرب الحجاز، ويضطرب فيها حبل الأمن والنظام، ومن هناك يتحرك المهدي عليه السلام نحو العراق والشام وغيرها من البلدان، فالظهور من مكة وليس من البصرة أو الحلة أو الكوفة كما يروجون.
ثامناً ـ تجربة (قاضي السماء) :
لقد كانت تجربة قاضي السماء الكرعاوي دليلا حيّا على ضحالة وسقوط هذه الحركات، ومكر وكذب وعماله قادتها، وسخف عقول المنتمين إليها، ويمكن الاستدلال على ذلك بما يلي:
1
ـ لقد كذب مهديهم المزعوم في كل ادعاءاته الشخصية وتنبؤاته السياسية والعسكرية والمهدوية، فقتل شر قتله وقضى أتباعه بين قتيل وأسير ومشرّد، فيما كان يدعّي انه المهدي المنتظر وانه من بيضة مخصبة وان أتباعه لا تؤثر فيهم الاطلاقات.. وما إلى ذلك من الترهات.
2
ـ لقد أثبتت الأحداث قبل وقائع معركة الزركة وبعدها ونتائج التحقيقات فيها ما يلي:
أ ـ أن (ضياء الكرعاوي) كان عنصرا مجنّدا للمخابرات العراقية، وانه اعتقل عدة مرات للخداع والتمويه وبترتيب مع الأمن والمخابرات العراقية.
ب ـ كان تمويل ودعم الحركة يتم من قبل شخصيات (بعثية وطائفية) ودول عربية (خليجية) معادية للعملية السياسية وهو ما تجسده الهستيريا التي أصابت بعض القنوات الفضائية في تغطيتها المحمومة والمتحاملة لمعركة الزركة (الزوراء ـ الرافدين ـ الشرقية).
جـ ـ تأكد بالقطع اشتراك مجاميع من تنظيم القاعدة ومجاميع بعثية في المواجهات التي حصلت في الزركة، وهو ما يؤشر الحلف المدنّس غير المعلن بين الجهات الثلاث.
د ـ أن أعداداً كبيرة من أتباع (الكرعاوي) كانوا من البعثيين وعناصر امن ومخابرات النظام السابق.
هـ ـ أن المخطط الذي أُجهض في (الزركة)، والذي كان يهدف إلى احتلال النجف ثم كربلاء، وقتل جميع علماء الدين والمراجع، وإعلان الثورة كي تلتحق به جماعات (الحسن اليماني والممهدون وغيرها) ليؤكد أن هذه الجماعات غريبة عن الأُمّة في آمالها وأحلامها وطموحاتها لبناء عراق جديد تسوده الديمقراطية ويحكمه القانون.
إنهم يريدون العودة بنا لأيام النظام السابق وعهود الفوضى والقتل والدمار، إنهم أبناء بررة للقاعدة وللبعث

مخطط الجذور والامتداد لجند السماء

 

 

الخاتمه

لقد تبين لنا من خلال هذه الدراسة عن (الحركات السلوكية) ما يلي:
1
ـ إن (الحركات السلوكية) ورغم اختلاف مسمياتها وأساليبها وشعاراتها، إلاّ أنها في الحقيقة تعتبر حركات وفرق ضمن تيار واحد، وهو ما يمكن أن نطلق عليه (التيار السلوكي المهدوي).
2
ـ تعتبر الحركات السلوكية الامتداد الطبيعي لفرق الغلاة التي وجدت منذ صدر الإسلام.
3
ـ اعتمدت هذه الحركات في خطابها الثقافي على ظاهر الخطاب الصوفي العرفاني، وقامت بتوظيفه لخداع الناس، باعتبار أن ظاهر الخطاب الصوفي يضج بشعارات (الحب في الله) و(العودة إلى الله) و(التسليم لله)... وغيرها من العناوين التي تلامس أوتار النفس المؤمنة، فيما يخفي الخطاب الصوفي المنحرف، حقيقة عقائده الوثنية والمشركة على أتباعه، لحين تشبعهم بالأفكار العامة للمنهج، وترويضهم على الطاعة المطلقة لزعمائه، وقد كانت مدرسة التصوف هي الحاضنة التي فقست فيها وباضت كل الحركات السلوكية والمغالية.
4
ـ إنها ترفع الشعارات المهدوية لدغدغة مشاعر الناس وخاصة الفقراء والمظلومين، للنفوذ من خلالها إلى قلوبهم، لتحريضهم وتثويرهم في المكان الخطأ، وفي الزمان الخطأ، وضد الجهة الخطأ، وذلك لتنفيذ أجندة أعداء العراق والعملية السياسية، وأيضا لمنع الآخرين من توجيه هذه الطاقات وتثويرها بالاتجاه الصحيح وضد العدو الحقيقي.
5
ـ إنها حركات تكفيرية إرهابية، ممولة من قبل جهات خارجية وداخلية معادية للعملية السياسية، وخاصة البعث والقاعدة ودول الخليج العربي.
6
ـ إنهم يستغلون واقعا (امنيا وخدميا) بائسا، لعرض أنفسهم بمقابله كبديل موجّه من السماء.
7
ـ استغلال ضعف الدولة، وعدم اكتمال قدراتها الأمنية، بل تشتت هذه الإمكانيات على عدة جبهات، للترويج لمبادئهم من غير خوف من يد الدولة الضّاربة.
8
ـ تعتبر عقائد (وحدة الوجود، الاتحاد والحلول، إسقاط التكاليف الشرعية، إكثار الفساد)... أهم عقائد هذه الفرق، وهي عقائد يمكن وصفها وباختصار بأنها (شرك بالله تعالى، ونسخ للشريعة الإسلامية، وترويج للفساد بإسم الدين)...
9
ـ أمّا أهم أفكارهم السياسية والاجتماعية فهي (إسقاط المرجعيات الدينية والدعوة لتصفيتها، تكفير المجتمع، معاداة الديمقراطية والعملية السياسية، ورفض الدستور، وتخوين جميع الأحزاب السياسية الدينية وغيرها وكل من يشارك في العملية السياسية).
10
ـ إن دعم الحركات الصوفية في العالم الإسلامي، إنّما هو جزء من توجه وبرنامج عالمي في الترويج (للإسلام الصوفي) إزاء (الإسلام الأصولي، أو الإسلام السياسي). بل وحتى مقابل الإسلام المعتدل (العقلاني ـ الشرعي)، وذلك لقابلية (الإسلام الصوفي) على الذوبان والاندماج في المجتمعات الأخرى، وكذلك لسهولة اختراقه، وسهولة إقناع الناس به، وأخيرا لاقترابه في أصوله العقيدية من عقائد الديانات الأخرى.
11
ـ إن الخطر الحقيقي لهذه الحركات يتلخص في أنها عدو من الداخل، يكفّر الجميع ويستحلّ دمائهم، وانه يؤمن بالعنف طريقا لتحقيق أهدافه.
12
ـ يروضون أتباعهم على الطاعة المطلقة، حتى يتحولوا إلى أدوات فاقدة للإرادة والوعي، حيث يمارسون معهم شتى أساليب الهدم المنهجي للشخصية ولكل المعتقدات والأفكار والقيم التي تؤمن بها.
13
ـ إن أهم أسباب انتشار هذه الحركات هو
أ‌ ـ عدم وجود الفهم الصحيح (لعقيدة الإمام المهدي عليه السلام) لدى اغلب شرائح الأُمّة.
ب‌ ـ انحسار وضمور الفكر الواعي في المجتمع، بسبب انشغال رواده في المعركة الأمنية والسياسية.
جـ‌ ـ عدم وجود القوانين الرادعة التي تجرّم وتردع من يحاول استغفال الناس وتحريضهم على العنف والإخلال بالأمن.
د ـ التدخلات الأجنبية، ودعم الجهات الطائفية والبعثية المعادية للعملية السياسية، ولكل الأسس التي قامت عليها، والتي تسعى إلى تمزيق النسيج السكاني في الوسط والجنوب، على أمل إشعال فتنة داخلية تحرق الأخضر واليابس، وتنتهي بإسقاط العملية السياسية، وإعادة المعادلة لوضعها السابق قبل سقوط النظام، وهو ما يصفونه بإعادة التوازن للمعادلة السياسية التي اختلت كثيرا لغير صالحهم.
هـ ـ الفوضى الأمنية والثقافية وفقدان الخدمات.
14
ـ من المفارقات الغريبة أن التكفيريون السنّة إنّما يكفّرون الشيعة ويستحلّون دمائهم، بينما يقوم التكفيريون الشيعة (السلوكيون) بتكفير إخوانهم الشيعة، ويفرحون بقتلهم وتصفيتهم على يد إرهابيي القاعدة وغيرها، بادعاء أنهم لا يوالون (الإمام)، وان ما يحصل لهم هو نتيجة عدم ولائهم، فيما يلتمسون الأعذار لجرائم الإرهابيين بحق الشيعة، بأنهم أهل غفلة، وان علينا أن نستغفر لهم، وان لا نؤذيهم، وهو ما يؤكد هيمنة (القاعدة) على هذه المجاميع الممسوخة وتسييرها لها من خلف ستار، بل إن خطابهم السياسي التكفيري التخويني لا يختلف وبكل تفاصيله عن خطاب (القاعدة) الوهابي ضد العملية السياسية أو ضد الشيعة ومراجعهم الدينية.
15
ـ إن هناك الكثير من الممارسات (المشينة) و(القبيحة) واللاأخلاقية التي يمارسها هؤلاء الممسوخون ومن أهمها وأشهرها (إباحة الزنا واللواط والسحاق، وتبادل الزوجات وأخيرا الزنا بالمحارم، وذلك لإجبار المهدي على الخروج).
16
ـ الملاحظ أن هذه الحركات تسعى لإنشاء (فرق وطرق صوفية) في المجتمع الشيعي كما هو معروف عند إخواننا السنّة، وهذه الحركات هي (نواة) لهذه الفرق.
17
ـ أمّا أهم طرائقهم في الوصول إلى عقائدهم فهي:
أ ـ التأويل الباطني للقران.
ب ـ الاستدلال على مدعياتهم بالروايات المتشابهة لإيهام الناس بانطباقها عليهم.
ج ـ استعمال أساليب الصوفية في (الكشف والمشاهدة والأحلام والإلهامات).
18
ـ أهم مراكز انتشارهم (بغداد، الناصرية، واسط، العمارة، البصرة، الديوانية، الحلة، كربلاء).
19
ـ وأخيرا فقد أجمعت المرجعيات الدينية في النجف الأشرف على تكذيب هؤلاء المدعين، بل إن بعض المراجع قد أفتى بإهدار دم زعمائهم الذين يدّعون المهدوية أو السفارة عن الإمام المهدي عليه السلام.
وفي الختام نقدم مجموعة من المقترحات لمواجهة هذا السرطان الذي ينهش في جسد الأُمّة.

المقترحات والتوصيات

1 ـ استحداث دوائر متخصصة بهذه الحركات في وزارات الدولة الأمنية ومؤسساتها الاستخبارية وتكون مرتبطة بمديرية مركزية في مجلس الوزراء.
2
ـ إصدار فتاوى واضحة وصريحة من قبل جميع المراجع الدينية المعروفة، تكشف حقيقة الزيف والكذب الذي تحمله هذه الحركات وتحرم الانتماء إليها وتصفها بأعيانها وبأسمائها.
3
ـ كشف الخطوط والاتجاهات الداعمة لهذه الحركات والإعلان عنها بكل صراحة.
4
ـ استخدام الإعلام وبصورة مكثفة في عملية المكافحة، ونشر الفتاوى التي تساهم في محاربة هذه الفرق الضالة.
5
ـ ضرورة قيام علماء الدين والكتاب والمثقفين والإعلاميين بتوعية الناس بخطر هذه الحركات عن طريق المنبر والكتاب والصحيفة والندوة والفضائيات.
6
ـ ضرورة حث خطباء الجمعة وخطباء المنبر الحسيني والمبلغين على فضح هذه الحركات وتحذير الناس من خطرها، لان عملهم هذا سيكون أكثر نفعا وفائدة للدين وللوطن من الاقتصار على دعوة الناس للدين بدون توعية وتحذير من المخاطر.
7
ـ ضرورة استيعاب وتحييد العناصر المعتدلة في هذه الحركات.
8
ـ ضرورة إصدار القوانين الحازمة التي تحدد وتقيد وتضع الضوابط لكبح جماح هكذا حركات مغالية، كأن يحظر تشكيل أي تنظيم سياسي ديني مالم يحوز على رضا المرجعية الدينية وموافقة الدولة العراقية.
9
ـ تشجيع الطرح العلمي والسليم للفكرة المهدوية ووضع النقاط على الحروف في التمييز بين المحكم والمتشابه، كي توصد الأبواب أمام أصحاب النوايا السيئة وطلاب الجاه والمال وعملاء المخابرات الدولية في سعيهم لاستغلال هذه العقيدة لتدمير الأمة من الداخل وتشويه صورة المذهب الشيعي.
10
ـ ضرورة شمول المنتمين إلى هذه (الحركات الهدامة) بقانون مكافحة الإرهاب لأنها تحمل جميع مواصفات التيارات الإرهابية، من الفكر المتطرف التكفيري، و استعمال الوسائل العنيفة لتحقيق الأهداف.
11
ـ ضرورة تفعيل الدولة لـ(الجهد الاستخباري) في رصد واختراق هذه المجاميع وكشف مخططاتها وأساليبها وارتباطاتها.
12
ـ إعادة الحياة للفكر الواعي في جسد الأُمّة وإشاعة ثقافة (احترام العقل) لا (تغييبه) فهي حجر الأساس في كل عملية تغيير نحو الأحسن والعكس صحيح.
13
ـ ضرورة أن يعي الجميع أهمية التحرك السريع لطرح ثقافة مهدوية (رصينة) قبل أن يفلت الزمام وتتسبب الثقافة المنحرفة في استحقاقات على الشيعة والتشيع بشكل عام، وليعلم الجميع أن الوقت الذي ستتوقف فيه عجلة الحرب مع العدو من الخارج (البعث والإرهاب التكفيري ـ القاعدة ـ ) بنفس الوقت ستبدأ الصفحة الثانية من المعركة ـ مع العدو التكفيري الداخلي ـ الحركات السلوكية التكفيرية.
14
ـ من الضرورة بمكان إشراك الجماهير في المعركة، فكلما كانت توعيتها بالخطر اكبر، وكلما فضحت أهداف وأساليب ونوايا هذه الحركة أكثر كلما كان للجماهير دور اكبر في القضاء على هذه الوباء واجتثاثه من الجذور.
15
ـ ضرورة أن يأخذ الوقف الشيعي دوره في مكافحة هذه الآفة، وذلك عن طريق مراقبة المساجد والحسينيات التابعة له، وحسن اختيار الأشخاص الذين يوكل إليهم المهام والمسؤوليات.
16
ـ إعادة البحث والغربلة والتدقيق في المواقع الرسمية العليا والوزارات والمؤسسات الأمنية والعسكرية، وعناصر الحمايات الخاصة، لتطهيرها من المنتمين لهذه (الحركات السرطانية).
17
ـ تحذير الناس من (التصوف والعرفان) المنحرف لأنه الستار الذي يختبئ خلفه الأدعياء والمتاجرين بالدين، وكان هو المنبع لكثير من البدع المتفشية في الأُمّة.

الحركات السلوكية في كلام المعصومين والعلماء

أدناه جملة من أقوال المعصومين عليهم السلام، والعلماء العاملين في هذه الفرق المنحرفة
1
ـ عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله[1].
2
ـ عن الإمام المهدي عليه السلام: سيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم[2].
3
ـ قال آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله) : العجب من جرأة أهل الأهواء على الله سبحانه وعلى أوليائه، واستغرب سرعة تصديق الناس لهم والانسياق ورائهم، إن من سلك طريقا شاذا وسبيلا مبتدعا فقد خاض في الشبهة وسقط في الفتنة وضل عن القصد.
4
ـ آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) : إن كل مدّع للوصاية والسفارة كذاب ومفتر على الله وأوليائه.
5
ـ آية الله العظمى الشيخ إسحاق الفياض (دام ظله) : من ادّعى السفارة والنيابة الخاصة فهو كذاب وعلى الناس أن يكذبوه.
6
ـ آية الله العظمى الشيخ بشير النجفي (دام ظله) : كل من يدّعي السفارة فهو كذاب مفتر، وان من وراء هؤلاء الضالين المضلين طغاة العالم، يمدونهم في طغيانهم يعمهون.
7
ـ آية الله العظمى السيد كاظم الحائري (دام ظله) :كل من ادعى السفارة المهدوية فهو مهدور الدم.
8
ـ السيد مقتدى الصدر: على الجميع أن يقاطعوا هؤلاء ويتبرؤوا منهم ويبتعدوا عنهم بعد السليم عن الأجرب.
إن هذه الحركات الموصوفة هي ضالة مضلة وبعيدة عن الدين والإسلام والتشيع واللازم على المسلمين إرشادهم إلى الطريق القويم أو طردهم وتحذير الناس من خطرهم.

هامش
-------------
1
ـ الكافي ج1 ص54 ح2.
2
ـ معجم أحاديث المهدي عليه السلام، الكوراني، ج4 ص317 ح1333.

 

ملحق ـ 1ـ
الغلو

اصطلاحاً: هي الجماعات التي غلت في الإمام علي وأبنائه عليهم السلام من بعده، وهناك من غلا في غيرهم.
والغلو مرض خطير أصاب جميع المجتمعات البشرية عبر التاريخ، إذ غلت في أنبياءها وعظمائها وصالحيها، وأقامت التماثيل لإحياء ذكراهم ثم عبدتهم بعد ذلك، وقد كانت آخر حلقات الغلو قبل الإسلام هو ما ظهر في الديانتين اليهودية والمسيحية.
{
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ} [سورة التوبة: 30] 
وأخيرا أصاب هذا المرض المسلمين، حيث ظهر في زمن الإمام علي عليه السلام أناس قالوا بإلوهيته فحاربهم الإمام عليه السلام، ثم ظهروا من جديد في زمن الإمام الصادق عليه السلام ليقولوا أيضا بإلوهيته فكفّرهم سلام الله عليه، ثم تلاحقت موجات وفرق الغلو والانحراف والتطرف لتضرب المجتمع الإسلامي في كل مكان ولم تستثن طائفة أو مذهب من خطرها وشرها، وفي العصر الحديث ظهرت عدة فرق للغلاة منها (القاديانية) في الهند وباكستان و(البابية والبهائية) في إيران.
أسباب الغلو:
1
ـ الدافع النفسي والعاطفي:
لقد اعتاد البشر عبر التاريخ على تقديس أنبيائهم وقادتهم، وبعد وفاتهم أو شهادتهم، يتحول هذا التقديس إلى عبادة وتأليه، فما السر في ذلك.
الجواب: إن طبيعة الإنسان المادية هي التي أوجدت فيه هذا النزوع نحو التصنيم، ولذلك جاءت الرسالات السماوية لترتقي بالإنسان إلى مستوى التعامل مع المجرد (الله جل جلاله).
إن اجتماع (العظمة والمحبوبية مع المظلومية.. في أحضان الجهل) لابد وان تنتهي إلى الغلو وهو ما سينتهي إلى استبدال الهدف (الله) بالوسيلة (النبي) أو (الإمام).
2ـ الأثر الفلسفي:
حيث أثّرت الفلسفات الوثنية للأمم والشعوب التي دخلت الإسلام أو اختلطت بالمسلمين، على الفكر الإسلامي، ولقد تأثر بصورة خاصة أصحاب المدرسة الصوفية في الإسلام بهذه المؤثرات النصرانية والهندوسية والإغريقية، ونقلوها إلى الفكر الإسلامي.
3ـ الدافع السياسي:
إن الغلو باعتباره ظاهرة من ظواهر الفساد العقائدي والانحطاط الفكري فهو لا ينشأ وينمو إلاّ في (الوسط السياسي المضطرب) وفي الأوساط التي تسودها النزاعات الدينية وكذلك الأوساط المتخلفة.
4ـ البعد المادي:
حيث ينمو تدريجياً في المجتمعات المتخلفة, طبقات تعتاش على الخرافات والبدع وخداع الآخرين، بل والاعتياش على الصراعات فيما بينهم.
هذه هي جذور الغلو الأربعة ـ (العقول الضعيفة، والأفكار الفلسفية المنحرفة، والنوايا السياسية الخبيثة، والمصالح المادية الجشعة).
الغلو في الكتاب والسنّة وأقوال العلماء:
1
ـ قال الله تعالى في كتابه الكريم:

بسم الله الرحمن الرحيم

{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} الرعد :16
2
ـ {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} هود : 31
3
ـ {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} الكهف :110
4
ـ {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} إبراهيم : 11
5
ـ قال النبي صلى الله عليه وآله: لا ترفعوني فوق حقي، فان الله تبارك وتعالى اتخذني عبداً قبل أن يتخذني نبياً[1]. 
6
ـ عن الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام، قال: لا تتجاوزوا بنا "العبودية" ثم قولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا، وإياكم والغلو كغلو النصارى، فإني بريْء من الغالين[2]. 
7
ـ قال الإمام الصادق عليه السلام: فوالله ما نحن إلاّ عبيد الذي خلقنا واصطفانا، ما نقدر على ضر ولا نفع، إن رحمنا فبرحمته، وان عذبنا فبذنوبنا، والله مالنا على الله من حجة، ولا معنا من الله براءة، وإنا لميتون ومقبورون ومنشرون ومبعوثون، وموقوفون ومسؤولون[3].
8
ـ وقال الإمام الرضا عليه السلام: الغلاة كفّار والمفوّضة مشركون، من جالسهم أو خالطهم أو آكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوّجهم أو تزوج منهم أو آمنهم أو ائتمنهم على أمانة أو صدّق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة، خرج من ولاية الله عزّوجل وولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وولايتنا أهل البيت[4].
9
ـ وكان الإمام الرضا عليه السلام يقول في دعائه: اللهم إني أبرأ إليك من الحول والقوة ، فلا حول ولا قوة إلا بك. اللهم إني أبرأ إليك من الذين ادعوا لنا ما ليس لنا بحق. اللهم إني أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا. اللهم لك الخلق ومنك الأمر، وإياك نعبد وإياك نستعين. اللهم أنت خالقنا وخالق آبائنا الأولين وآبائنا الآخرين. اللهم لا تليق الربوبية إلا بك، ولا تصلح الإلهية إلا لك، فالعن النصارى الذين صغروا عظمتك، والعن المضاهين لقولهم من بريتك. اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك، لا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. اللهم من زعم أننا أرباب فنحن إليك منه براء، ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن إليك منه براء كبراءة عيسى من النصارى. اللهم إنا لم ندعهم إلى ما يزعمون، فلا تؤاخذنا بما يقولون واغفر لنا ما يزعمون[5]. 
10
ـ قال الإمام زين العابدين عليه السلام: أحبونا حبّ الإسلام، فوالله مازال بنا ما تقولون حتى بغّضتمونا إلى الناس[6].
11
ـ قال الشيخ المفيد رحمه الله: الغلاة من المتظاهرين بالإسلام، هم الذين نسبوا أميرالمؤمنين والأئمة من ذريته عليهم السلام إلى الإلوهية والنبوة، ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد، وخرجوا عن القصد، وهم ضلاّل كفّار[7].
12
ـ قال الشيخ الصدوق رحمه الله: اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفّار بالله تعالى[8].
13
ـ قال الشهيد الأول رحمه الله في اللمعة: والمسلمون من صلى إلى القبلة إلاّ الخوارج والغلاة[9].
هامش
-------------------------
1
ـ عيون الأخبار، الصدوق ج1 ص217 ح1.
2
ـ الاحتجاج، الطبرسي ج2 ص233.
3
ـ معجم الرجال، الخوئي ج19 ص301.
4 ـ عيون الأخبار، الصدوق ج1 ص219 ب46 ح4.
5
ـ الاعتقادات، الصدوق ص99.
6
ـ الطبقات الكبرى، ابن سعد ج5 ص214. وروى المفيد في الإرشاد ج2 ص140 عنه عليه السلام: أحبونا حب الإسلام ، فما زال حبكم لنا حتى صار شينا علينا. وجاء في هامش المخطوطة: هذا نهي لهم عن الغلو، يقول : أحبونا الحب الذي يقتضيه الإسلام ولا تتجاوزوا الحد فيكون غلوا.
7
ـ تصحيح الاعتقاد، المفيد ص 131.
8
ـ الاعتقادات، الصدوق ص97.
9
ـ ويضيف الشهيد الثاني رحمه الله في شرح اللمعة ج3 ص181: فلا يدخلون في مفهوم المسلمين وإن صلوا إليها للحكم بكفرهم.

الملحق ـ2ـ
التصوّف

كانت بداية التصوف في الإسلام نزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة والتقوى، فالزهد أساس التصوف في الإسلام، ثم اثّرت فيه عوامل خارجية ليتحول إلى منهج خاص وطريقة معينة ومدرسة متميزة في فهم الدين والتعامل معه، ثم ليتحول إلى طرق صوفية تقوم بتربية المنتمين إليها على الأذكار والأوراد والزهد في الدنيا بغية تنقية النفس وتطهيرها لترتقي في المراتب الروحية التي يمكن أن توصلها إلى درجة اليقين، ومن ثم الوصول بها للاتحاد بالله بالكشف والمشاهدة.
والصوفية ليست مذهبا أو دينا بل هي منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله تعالى كما يعرفها أصحابها، أمّا معارضيها فيعتبرونها ممارسات عبادية لم تذكر في القرآن أو السنة، ولا يوجد أي سند في إثباتها، وعليه فهي تدخل في نطاق (البدعة) المحرمة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وآله، وكذلك فقد اتهمت الصوفية بأنها ثقافة دينية تنشر الخرافات، وأنها القناة أو الجسر الذي انتقلت من خلاله عقائد وخرافات الديانات الأخرى إلى الإسلام ويستدلون لذلك بالتشابه الكبير بين عقائدها وعقائد الهندوسية والبوذية والمجوسية والنصرانية واليهودية وفلسفات الإغريق.
ومن أهم ما اقتبسه التصوف الإسلامي من التصوف والعقائد الهندوسية والنصرانية وغيرها حسب قولهم هو:
1
ـ عقيدة وحدة الوجود.
2
ـ عقيدة الاتحاد والحلول.
3
ـ عقيدة التناسخ.
4
ـ نظام الرهبنة واعتزال الناس للعبادة والانقطاع عن شهوات الجسد وكل جماليات الحياة.
5
ـ التقشف واحتقار اللذات الجسدية وتعذيب الذات.
أصل التسمية: 
اختلف العلماء في نسبة (التصوف) على أقوال أرجحها انه نسبة إلى الصوف، حيث كان شعار رهبان النصارى الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية.
مصادرهم المعرفية: 
يستدل الصوفية على عقائدهم بـ (الإلهامات والأحلام والمكاشفات).

عقائد الصوفية

أولا ـ العقائد الأساسية:
1
ـ الغلو وهو عقيدة ملازمه للتصوف، فالسنّة منهم يغالون في النبي صلى الله عليه وآله فمنهم من يصل به إلى درجة الإلوهية، ومنهم من يدعى اللقاء به والأخذ عنه مباشرة ـ (تعاليم وأوراد وأذكار) وكذلك الغلو في الأولياء والأقطاب والمشايخ أمّا الشيعة فيغالون في أئمتهم ويدعون لهم نفس ادعاءات السنّة للنبي صلى الله عليه وآله والأولياء.
2
ـ يعتقدون أن الدين حقيقة وشريعة، والشريعة هي الظاهر من الدين، بينما الحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلاّ المصطفون الأخيار.
3
ـ الإيمان بعقيدة (الاتحاد والحلول) الفناء في ذات الله التي دعى إليها (الحلاّج) الصوفي الشهير.
4
ـ الإيمان بعقيدة (وحدة الوجود) التي نادى بها أشهر المتصوفة على الإطلاق (ابن عربي).
5
ـ رفع التكاليف والإباحية: وهي من المظاهر التي ظهرت وتظهر في جنبات الحركات الصوفية عامة وهي نزعات هدامة تبشر بالفوضى الأخلاقية والاتجاهات العدمية ودعوات إسقاط الفضائل الأخلاقية المتوارثة من الاعتبار مما تسبب في قيام صراع تاريخي دام بين أدعياء التصوف وبين الفقهاء باعتبارهم حماة الشريعة، والمتكلمين باعتبارهم حراس العقيدة الصحيحة.
وهكذا ظهرت طوائف وفرق وجماعات تدّعي التصوّف صرحت بالكفر والإلحاد واستباحة الحرمات وإسقاط التكاليف والقول بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود مما دفع الفقهاء والمتكلمين لإصدار فتاوى ضد مدّعي التصوف المنحرف، وتكفيرهم.
إن كثيراً من هؤلاء يخرجون عن ربقة العبودية مطلقا، بل يزعمون سقوط بعض الواجبات عنهم، أو حلّ بعض المحرمات لهم، فمنهم من يزعم انه سقطت عنه الصلوات الخمس لوصوله إلى المقصود، وربما قد يزعم سقوطها عنه إذا كان في حال مشاهدة وحضور، ومنهم من يزعم سقوط الحج عنه، مع قدرته عليه؛ لان الكعبة تطوف به أو لغير هذا من الحالات الشيطانية، ومنهم من يفطر في رمضان لغير عذر شرعي زعما منه استغناءه عن الصيام.
ثانيا ـ عقائد ثانوية:
1
ـ تعذيب النفس والتجويع وإماتة الشهوات.
2
ـ الغلو في المشايخ والأولياء والأقطاب.
3
ـ دعوى الولاية التكوينية للأقطاب والمشايخ وأنهم يتصرفون في الكون ويعلمون الغيب.
4
ـ الطاعة المطلقة للمشايخ، فمن المظاهر التي اقترنت باستمرار بالحركة الصوفية في مختلف أنماطها وتنوع الدائرة الدينية والثقافية التي نشأت في إطارها، ظاهرة تبعية المريد السالك للطريقة، لإرادة شيخه الروحي ـ المطاع ـ وفناء إرادته كليا في إرادة شيخه، بدعوى أن المعراج الروحي للسالك المبتدئ لا يمكن أن يتحقق ويؤتي ثماره إلاّ بالخضوع الكلي لإرشاد الزعيم الروحي، الذي تجب طاعته من غير سؤال، لتتخذ الطاعة له وتتحول إلى عبودية عمياء خرساء بكماء لا يقرها دين أو عقل، فمن شأن المريد: "أن لا يقول لشيخه قط (لِمَ) فقد اجمع الأشياخ على أن كل مريد قال لشيخه (لِمَ) لا يفلح في الطريق".
لقد طغى التصوف المنحرف في نهاية المطاف على التصوف الشرعي المعتدل الذي هو (تقويم الأخلاق، وتهذيب النفس والدعوى للزهد في الدنيا والإخلاص في العبادة).
والذي كان منهج الصالحين والعبّاد والزهّاد في صدر الإسلام، وما تبعه من عصور ليحل محله تصوف الخرافات والبدع والغلو والعقائد المنحرفة والممارسات اللاأخلاقية.
والخلاصة التي يمكن أن نصل إليها هي: إن التصوف هو (الإسلام العاطفي)، بل هو الفهم العاطفي للدين عموما، فإذا كان دليل الفيلسوف (العقل) ودليل الفقيه (الشرع) ودليل المتكلم (العقل والشرع) فان دليل الصوفي هو (العاطفة، الوجدان، والذوق، والكشف) وكلها نابعة من التجربة الشخصية التي لا تحدها حدود ولا تقيدها قيود.
إن الغلو في الصالحين والزهد في الدنيا ولبس الخشن من الثياب واكل الطعام الردئ وتنقية الباطن والسعي للتوحد مع الإله هي أركان التصوف عند جميع البشر.
وأخيرا فإن جميع العقائد والفرق المنحرفة في تاريخ الإسلام وحاضره إنّما كانت تنمو في أحضان التصوف، فهو المدرسة التي انطلقت منها دائماً كل حركات الانحراف العقيدية والسلوكية.

العلاقة الجدلية
بين مكونات الانحراف الخمسة

إن طريقة التفكير العاطفية تميل عادة إلى المبالغة والتضخيم، وهو طريق لابد وان ينتهي بصاحبه إلى المغالاة في النظرة للأمور والتعامل معها، فهناك علاقة جدلية وترابط وثيق وطردي بين العاطفة والغلو، وقد مثلت (المدرسة الصوفية) المنهج النموذجي الذي يجسد الفهم والتفسير العاطفي للدين، بل وقامت بالتنظير (للعواطف) وهي تفلسف الدين وتغوص في أعماقه البعيدة بدون قيود ومن غير أية أدلة عقلية وشرعية، وهو ما يفسر تحول (التصوف) إلى حاضنة لكل الأفكار المغالية والمتطرفة عبر التاريخ فما من دعوة للغلو إلاّ وللتصوف يد في تأسيسها وتكوينها، وما من نبتة للخرافة إلاّ وللتصوف يد في زراعتها وسقايتها وإنمائها وترويجها في المجتمع. 
أمّا المهدوية فإنها الوقود الذي يحرك الجماهير ويوفر لأي حركة القدسية والشرعية الدينية التي تحتاجها لتحقيق أهدافها، فالمهدي شعار الجماهير المستضعفة منذ صدر الإسلام وحتى يومنا هذا، ورفع هذا الشعار يمثل استجابة لحاجة الجماهير المظلومة البائسة إلى منقذ، ومن ناحية أخرى فإن ارتباط هذا المنقذ بشخص النبي صلى الله عليه وآله يعطي للثورة والتمرد نكهة خاصة تمور بالعواطف الجياشة تجاه النبي وآل بيته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، أمّا عن علاقة الغلو بالمهدوية، فان المهدي عليه السلام هو الشخص الوحيد الباقي من سلسلة النبوة والإمامة، وبذلك يكون النموذج المثالي الذي يمكن أن تطبق بحقه وتنطبق عليه كل دعوات التأليه والاتحاد والحلول والتجلي في نظر المتصوفة، والأدعياء، والعامّة من الناس.
فالفهم العاطفي للدين (التصوف) لابد وان ينتهي إلى (الغلو)، الذي لابد وان ينتهي بدوره إلى العثور على الشخص (الكاريزمي) الذي يجسد مفاهيم الغلو في أذهان العامة والبسطاء، كيف وهذا الشخص الكاريزمي (صاحب الصفات الآسرة المؤثرة) موجود بل دائم الوجود وهو حي يرزق، وهناك باب مفتوح ليس له سقف زماني ومكاني حول ظهوره وقيادته للثورة العالمية.
فإذن سيكون هو المصداق الذي تنطبق عليه كل المفاهيم المغالية والحالمة، نعم انه (المهدي)، ومن هنا نشأ هذا الترابط الجدلي بين التصوف والغلو والمهدوية.
وبطبيعة الحال فان التكفير هنا سيكون هو سلاح المرحلة لان من لا يكون تحت لواء (المهدي) فهو عدو له وللدين وللإله، فهو كافر مرتد، ولازمة كفره وارتداده، أن يقتل مالم يبايع ويتوب، لينشأ مفهوم خامس وجديد يعتبر تحصيل حاصل لكل ما سبقه من مفاهيم مشوهة وتداعيات خطيرة وكارثية، ألا وهو القتل (الإرهاب)، فتكون النتيجة المرعبة الظلامية: (التصوف ـ الغلو ـ المهدوية ـ التكفير ـ الارهاب).

التصوف في كلام المعصومين والعلماء

1ـ قال الرسول صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله[1].

2ـ عن الرضا عليه السلام أنه قال: قال رجل من أصحابنا للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: قد ظهر في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم؟ قال: إنهم أعداءنا فمن مال فيهم فهو منهم ويحشر معهم، وسيكون أقوام يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم ويلقبون أنفسهم ويأولون أقوالهم ألا فمن مال إليهم فليس منا وإنّا منهم برآء، ومن أنكرهم ورد عليهم كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول صلى الله عليه وآله[2].
3
ـ قال الإمام الرضا عليه السلام: لا يقول بالتصوف احد إلاّ لخدعة أو ضلالة أو حماقة[3].
4
ـ روى الشيخ المفيد بإسناده إلى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أنه قال: قد كنت مع الهادي علي بن محمد عليهما الصلاة والسلام في مسجد النبي صلى الله عليه وآله فأتاه جماعة من أصحابه.. ثم دخل المسجد جماعة من الصوفية وجلسوا في ناحية مستديرا وأخذوا بالتهليل، فقال عليه السلام: لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخداعين؛ فإنهم خلفاء الشياطين ومخربوا قواعد الدين، يتزهدون لراحة الأجسام ويتهجدون لصيد الأنعام، يتجوعون عمرا حتى يديخوا للايكاف حمرا، لا يهللون إلا لغرور الناس، ولا يقللون الغذاء إلا لملأ العساس واختلاس قلوب الدفناس، يكلمون الناس بإملائهم في الحب ويطرحون باذليلائهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية وأذكارهم الترنم والتغنية، فلا يتبعهم إلا السفهاء ولا يعتقد بهم إلا الحمقى، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان، ومن أعان أحدا منهم فكأنما أعان يزيد ومعاوية وأبا سفيان. 
فقال رجل من أصحابه: وإن كان معترفا بحقوقكم؟ قال: فنظر إليه شبه المغضب وقال: دع ذا عنك، من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما ترى أنهم أخس طوايف الصوفية، والصوفية كلهم مخالفونا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا وإن هم إلاّ نصارى ومجوس هذه الأمة، أولئك الذين يجهدون في إطفاء نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون[4].
5
ـ عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنه قال لأبي هاشم الجعفري: يا با هاشم سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة متكدرة، السنّة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقّر والفاسق بينهم موقّر، أمراؤهم جاهلون جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة، ... علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض؛ لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف وأيم الله إنهم من أهل العدول والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا ويضلون شيعتنا وموالينا، إن نالوا منصبا لم يشبعوا على الرشاء، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين، والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه[5].
6.
قال آية الله العظمى المرعشي النجفي: وعندي فان مصيبة التصوف على الإسلام من أعظم المصائب، تهدمت بها أركانه وانثلمت بنيانه وظهر لي بعد الفحص الأكيد والتجول في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم، أن الداء سرى إلى الدين من رهبنة النصارى فتلقاه جمع من أبناء العامة كالحسن البصري والشبلي ومعروف وطاوس والزهري وجنيد ونحوهم ثم سرى منهم إلى الشيعة حتى رقى شأنهم وعلت راياتهم بحيث ما ابقوا حجرا على حجر من أساس الدين، أوّلوا نصوص الكتاب والسنّة، وخالفوا الأحكام الفطرية العقلية، والتزموا بوحدة الوجود بل الموجود...
ثم إن شيوع التصوف وبناء الخانقاهات كان في القرن الرابع حيث إن بعض المرشدين من أهل ذلك القرن لما رأوا تفنن المتكلمين في العقائد، فاقتبسوا من فلسفة فيثاغورس وتابعيه في الإلهيات قواعد وانتزعوا من لاهوتيات أهل الكتاب والوثنيين جملا وألبسوها لباسا إسلاميا فجعلوها علما مخصوصا ميزوه باسم علم التصوف أو الحقيقة أو الباطن أو الفقر أو الفناء أو الكشف والشهود وألفوا وصنفوا في ذلك كتبا ورسائل، وكان الأمر كذلك إلى أن حل القرن الخامس وما يليه من القرون فقام بعض الدهاة في التصوف فرأوا مجالا ورحبا وسيعا لأن يحوزوا بين الجهال مقاما شامخا كمقام النبوة بل الألوهية باسم الولاية والغوثية والقطبية بدعوى التصرف في الملكوت بالقوة القدسية فكيف بالناسوت، فوسعوا فلسفة التصوف بمقالات مبنية على مزخرف التأويلات والكشف الخيالي والأحلام الأوهام... [6]

هامش
-------------------
1
ـ الكافي ج1 ص54 ح2.
2
ـ جامع أحاديث الشيعة، البروجردي ج14 ص450 ب9 ح389.
3
ـ الإثنا عشرية، الحر العاملي ص17.
4
ـ الإثنا عشرية، الحر العاملي ص29. دوخه: أذله. اكف الحمار تأكيفا شده عليه. العساس: الأقداح العظام. الدفناس: الأحمق الدني والبخيل. اذلولا: انطلق في استخفاء وذل وانقاد.
5
ـ جامع أحاديث الشيعة، البروجردي ج13 ص377 ب11 ح322.
6
ـ شرح إحقاق الحق، المرعشي ج1 ص183.

المصادر

لقد اعتمدنا في كتابة هذا البحث على أربعة أنواع من المصادر،وهي: ـ

1.
مصادر حول الفرق الإسلامية.
2.
مصادر حول التصوف والعرفان.
3.
كتب ومنشورات الحركات السلوكية.
4.
مصادر بشرية ميدانية.

 

 

انتهى ما أردنا إيراده من هذا البحث بعد تنسيقه ونستغفر الله على التقصير ونستميح الاخوة من الاهمال 

ويمكنكم مراجعة الكتابين ادناه لمزيد من المعلومات

التوظيف السياسي لعقيدة المهدي عليه السلام
وخطره على الامن الوطني العراقي

تأليف: ذوالفقار علي ذوالفقار
http://www.hajr-up.info/download.php?id=14826

دجال البصرة
احمد اسماعيل كويطع، المسمي نفسه: الامام احمد الحسن

تأليف: الشيخ علي الكوراني العاملي
http://www.hajr-up.info/download.php?id=14825


 

 

دعوى السفارة في الغيبة الكبرى

الشيخ محمد السند البحراني

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

 

المهديّون الاثنا عشر
مقام الرجعة للائمة الاثنا عشر
الشيخ محمد السند البحراني

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

الشهب الأحمديّة على مُدّعي المهدويّة
دعوة احمد احسن في الميزان
الشيخ أحمد سلمان

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

الممهدون للمهدي عليه السلام
الشيخ علي الكوراني العاملي

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

البهائية في الميزان
السيد امير محمد الكاظمي القزويني

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

 

 

 

 

عصر الظهور
الشيخ علي الكوراني العاملي

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

المهدي المنتظر عج ، دراسة في المستجدّات
السيد محمد الرئيسي

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

نهضة المهدي عج في ضوء فلسفة التاريخ
الشهيد مرتضى مطهري
 

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=2

الحداثوية والقضية المهدوية
اشكاليات المنهج والخطاب
الشيخ نزيه محيي الدين

رابط التحميل

http://alfeker.net/library.php?id=1562

الإمام المهدي ع حقيقة تاريخية أم فرضية فلسفية ؟
حوار غير مكتمل مع احمد الكاتب
إدريس هاني

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

يوم الخلاص في ظل القائم المهدي عليه السلام
كامل سليمان

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

أربعون حديثا معتبرا في النص على الأئمة الاثني عشر بأسمائهم
الشيخ أحمد الماحوزي

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

ولادة القائم المهدي بالروايات الصحيحة الصريحة
الشيخ أحمد الماحوزي

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

رعاية الإمام المهدي عج للمراجع والعلماء االعلام
علي الجهرمي

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

مكتبة الإمام المهدي
برنامج يضم الكثير من المواضيع المتعلقة بالامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

بحث حول المهدي ع
السيد محمد باقر الصدر

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

الإمام المهدي ع من المهد الى الظهور
السيد محمد كاظم القزويني

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

دولة الإمام المهدي عج وعصر الظهور
الشيخ كاظم المصباح

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

الحتميات من علائم الظهور
السيد فاروق الموسوي

رابط التحميل

http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=184107&page=3

 

مكتبة الامام المهدي عليه السلام
http://www.yahosein.org/vb/showthread.php?t=172036

مواقع انترنيت مهدوية
http://www.yahosein.org/vb/showthread.php?t=172033

المرجعية الدينية في النجف الاشرف ترد على دعوى اليماني المزعوم
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=189016